من حسن التناسب في القرآن لماذا جاء وصف السفينة في سورة القمر على هذا النحو (وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13)) ولم يستعمل الفلك أو السفينة؟
د.حسام النعيمى :
لِمَ لم يقل فلك مع أنه استعمل الفلك (ويصنع الفلك)؟ لو نظرنا إلى الجو العام جو رعب، جو خوف (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ (11) القمر) كأن السماء من حيث نظر الإنسان يرى باباً مفتوحاً من الماء، ما قال غيث لأن الإنسان لما يسمع كلمة مطر أو غيث يتخيل نقاطاً، قطرات، هذا ماء منهمر الذي يقولون عنه كأفواه القِرَب المفتوحة. (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) القمر) يعني كل ذرة من الأرض انفجرت عيوناً، الأرض كلها صارت عيوناً، (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ (42) هود) معناه هناك ريح تعصف بحيث تضرب الماء فيرتفع الماء فيكون أمواجاً هذا شيء مخيف. لو قال في فلك، الفلك مكان آمن خاصة إذا إستعمل (في)، الإنسان آمن في داخل السفينة. لكن أراد أن يقوي صورة الخوف والرعب فقال (على ذات ألواح ودسر) هي عبارة عن ألواح مشدودة وقال (وحملناه على ) ما قال (في) فلما يتخيل الإنسان هذا المشهد، هو فوق ألواح ودسر وهذا الماء بهذا الشكل يزداد رعباً ويتذكر أن ذلك قدرة الله سبحانه وتعالى كيف حمل نوحاً ومن معه على هذه الألواح والدُسُر. هذا المعنى يفوت لو قيل في غير القرآن وحملناه على فلك أو في فلك أو في سفينة أو على السفينة يضيع هذا المعنى وإلا القرآن قادر أن يقول وحملناه في فلك ويضحي بالفاصلة كما ضحى بها في (وهو يهدي السبيل)، لكن الصورة تختلف. تخيل الإنسان الذي تقدّم بالعمر يتذكر أن أناساً كانوا ينقلون بضائعهم بين المدن التي على النهر عن طريق ألواح ودسر حتى عندنا يسمونهم بالعامية الكلك، مجموعة أخشاب مشدودة ببعضها ويجلسون عليها وينقلون عليها البضاعة من مكان لمكان ولما يرجع يسحبها بالحبل على كتفه. فتخيل الإنسان لو كان هنا وهي كالجبال وهذه الريح والماء من فوقه ومن تحته، أيُّ رعب هذا؟! ينتقل الإنسان رأساً للتشبث برحمة الله سبحانه وتعالى التي أنجت نوحاً ومن معه وهو في هذه الحال.