زجاج عالي الكثافة ينتج من حالة سائلة غير معروفة من قبل
يحاول العلماء تطوير الأغشية الزجاجية الرقيقة التي تدخل في صناعة الشاشات والألياف الضوئية، غير أن هناك بعض المشاكل التي تقف حجر عثرة أمام جهودهم تلك
العلماء اكتشفوا حالة جديدة من السوائل يمكنها تكوين زجاج عالي الكثافة (غيتي إيميجز)
قد تظهر المواد أحيانا خصائص غريبة ومغايرة لخصائصها المعهودة، وهو ما أشارت إليه دراسة حديثة ستنشر غدا الثلاثاء في دورية "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم" "بي إن إيه إس" (PNAS) كشفت عن وجود حالة سائلة غير معروفة من قبل قد تستخدم في تطبيقات عديدة.
حالة جديدة وزجاج أعلى كثافة
يعمل العلماء على تطوير رقائق زجاج فائقة وعالية الكثافة، إذ يستخدم هذا النوع من الزجاج في عدد من التطبيقات، بما في ذلك شاشات "أو إل إي دي" (OLED) وفي الألياف الضوئية.
غير أن ذلك النوع من الزجاج يعاني مشاكل تتعلق بمدى ثباته، لذا يعكف العلماء على إيجاد حل لهذه المشكلة، مما أدى بهم في النهاية إلى اكتشاف حالة مختلفة من السوائل ونوع أعلى كثافة من الزجاج.
يعاني الزجاج من مشاكل تتعلق بمدى ثباته وكثافته (بيكسابي)
واكتشف فريق من العلماء من "جامعة بنسلفانيا" (University of Pennsylvania) ومن مختبر بروكهافن الوطني (Brookhaven National Laboratory) في الولايات المتحدة حالة جديدة من السوائل يمكنها تكوين زجاج عالي الكثافة، مما يجعله أكثر ثباتا، ومن ثم يمكن استخدامه في تطوير تطبيقات وأجهزة عديدة ذات تصميم زجاجي أفضل.
وهناك 4 أطوار مختلفة قد يمكن للمادة أن توجد فيها، إما صلبة أو سائلة أو غازية أو في حالة البلازما، وتعرف نقطة التحول من حالة إلى حالة باسم نقطة التحول الطَوري (Phase transition)، إذ تتغير الخصائص الفيزيائية للمواد عند انتقالها من طور إلى آخر.
زجاج من السوائل
وبحسب البيان الصحفي الذي نشرته جامعة بنسلفانيا، تقول قائدة الدراسة زهرا فخراي إن "هناك الكثير من الخصائص المثيرة للاهتمام التي تظهر من العدم، إذ لم يخطر ببالنا يوما أن نتمكن من رؤية هذه الأطوار داخل الأغشية الرقيقة".ويعتبر الزجاج نوعا خاصا جدا من المواد التي تتشكل عادة في صورة صلبة، غير أن بنيته الداخلية تشبه إلى حد كبير الحالة السائلة، لذا فإن تحوله الطوري يثير فضول العلماء.
طريقة التبريد تنتج أغشية زجاجية فائقة الرقة (بيكسابي)
ويصنع الزجاج عادة من خلال تصليد (Solidification) السوائل بتبريدها إلى درجة حرارة تتوقف عندها حركة الجزيئات، ولهذا فقد تشبه بنية الزجاج الداخلية الحالة السائلة، غير أن خواصه تشبه المواد الصلبة.
غير أن طريقة التبريد تلك -والتي تستخدم في صنع أغشية فائقة الرقة كالتي تدخل في تطبيقات شاشات "أو إل إي دي"- تجعل جزيئات الزجاج تميل -بشكل أكبر- في تصرفها إلى سلوك السوائل، مما يجعلها عرضة لتكوين القطيرات أو للتبلور داخل تلك الأغشية، فيحد ذلك من ميزات هذه الأغشية وثباتها.
نتائج واعدة
قرر الباحثون استخدام طريقة ترسيب البخار (Vapor deposition) التي تتغير فيها المادة من حالة غازية إلى حالة صلبة مباشرة، إذ أدت هذه الطريقة إلى إنتاج رقائق زجاجية ذات خصائص قليلة الشبه بسلوك السوائل، كما تم رصد حالة سائلة جديدة تختلف عن حالة السوائل التقليدية التي تلاحظ عادة أثناء تصنيع ذلك النوع من الأغشية الزجاجية الرقيقة.
وتعقيبا على هذه الحالة السائلة الجديدة، تضيف فخراي أنها "ذات بنية مختلفة تماما عن نظيرتها السائلة التي ترتبط بصنع الزجاج عادة، الأمر يشبه الغرافين والألماس، وكلاهما مواد صلبة مكونة من الكربون، غير أنهما يوجدان في بنية صلبة تختلف كليا عن بعضها البعض".
تختلف البنية الداخلية للكربون في الألماس والغرافين (ويكيبيديا–دانيال ماير، ألكساندر إيه آي يو إس)
كما يؤكد العلماء أن الكيفية التي تراصت بها الجزيئات في هذه الأغشية الرقيقة لا تشبه البلورات، مما يعني أن بإمكاننا تصنيع نوع من الزجاج فائق الرقة ذي كثافة أكبر بكثير من البلورات.ويعكف العلماء حاليا على دراسة هذا التحول الطوري بشكل أعمق، مما قد يمكنهم من فهم العلاقة بين بنية الجزيئات الداخلة والخصائص التي تظهرها هذه الأغشية الزجاجية الرقيقة.