"﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الاِْسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَـابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيَا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَـاتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾



التّفسير

روح الدين التسليم للحقّ:

"الدِين" في الأصل بمعنى الجزاء والثواب، ويطلق على "الطاعة" والإنقياد للأوامر، و "الدين" في الإصطلاح: مجموعة العقائد والقواعد والآداب التي يستطيع الإنسان بها بلوغ السعادة في الدنيا، وأن يخطو في المسير الصحيح من حيث التربية والأخلاق الفردية والجماعية.



"الإسلام" يعني التسليم، وهو هنا التسليم لله.



وعلى ذلك، فإنّ معنى (إنّ الدِين عند الله الإسلام): إنّ الدين الحقيقي عند الله هو التسليم لأوامره وللحقيقة.



في الواقع لم تكن روح الدين في كلّ الأزمنة سوى الخضوع والتسليم للحقيقة.



وإنّما أطلق اسم "الإسلام" على الدِين الذي جاء به الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)لأنّهأرفع الأديان.



وقد أوضح الإمام علي (عليه السلام) هذا المعنى في بيان عميق فقال: "لأنسبنّ الإسلام نسبة لم ينسبها أحد قبلي: الإسلام هو التسليم، والتسليم هو اليقين، واليقين هو التصديق، والتصديق هو الإقرار، والإقرار هو الأداء، والأداء هو العمل"(1).



فالإمام في كلمته هذه يضع للاسم ستّ مراحل، أولاها التسليم أمام الحقيقة، ثمّ يقول إنّ التسليم بغير يقين غير ممكن (إذ أنّ التسليم بغير يقين يعني الإستسلام الأعمى، لا التسليم الواعي).



ثمّ يقول إنّ اليقين هو التصديق (أي أنّ العلم وحده لايكفي، بل لابدّ من الاعتقاد والتصديق القلبيّين) والتصديق هو الإقرار (أي لا يكفي أن يكون الإيمان قلبيّاً فحسب، بل يجب إظهاره بشجاعة وقوّة)، ثمّ يقول إنّ الإقرار هو الأداء (أي أنّ الإقرار لا يكون بمجرّد القول باللسان، بل هو إلتزام بالمسؤولية).



وأخيراً يقول إنّ الأداء هو العمل (أي إطاعة أوامر الله وتنفيذ البرامج الإلهية) لأنّ الإلتزام وتحمّل المسؤولية لا يعنيان سوى العمل.