رحلة في مدينة العشق
فريد عبد الله النمر
إلى تلك المدينة التي تنفستها السماء طورا أبديا لنصطلي منها قبس الحياة
من هواه إلى هواه انتمينا
والفراديس تمنح الكون صفوا
شاءنا الدرب لحظة من ورود
لتضاهي فينا المسافة مأوى
ونعدّ الموائد الحب قربى
ونشدّ الروح/ الغواية سهوا
لا مدىً نرتجي يطلّ سواه
لا مرايا كظله.. نتقوى
وإذا ما تكلمت نبضات
فاض منها بوح القصيدِ ودوّى
واستظلت عليه آلاء حقل
هي والحب والقصيدة تروى
فافتتحنا من الدلالة حلما
شاعريا أضافنا منه جوا
كتبتنا عيونها فأتلفنا
في مواعيد صبوة منه تضوى
ونقشنا بحائط الفجر عشقا
لم يزله تلاوة ذات نجوى
خطّ فينا بحجم صوت نداه
آية الروح وانتهى الوحي تقوى
وعلى مرسم الوجود دعانا
للقاء حيث المواعيد أحوى
فركبنا سفينة الشوق بِرّا
واغتسلنا بما تفصّلَ شأوا
وغرفنا دلو الحقيقة حتى
فاض بئر الكلام بالعشق ركوا
ودخلنا مدينة الذبح نخطو
بين أعتابها المهيبة خطوا
وافترعنا على غصون دعاه
والمساءات عنده تتروّى
ساح فينا فناره ولمسنا
دحوة الأرض تحت رجليه دحوا
فنما سنبلا وشدّ غراسا
ولغير الفؤاد ما مال نحوا
واحتضناه كان وجدا غريبا
حيث لا شيء والحقاءق تلوى
وابتهجنا غداة همسة ظلّ
آذنتنا كمن توهج جذوى
فاح مسكٌ له ونحن ضحايا
ذلك المسك ليته آب رهوا
ومررنا بكل حيّ تزيّا
بالقرابين نحن نمسك حلوى
فرفعنا أكفنا نحو كونٍ
من مداه نكاد نبلغ محوا
غير أنا رأينا فيما رآه
المطمح الثرّ فاستطال وأغوى
واتبعناه بين خفق وخفق
فاحتوانا حيث المنى فيه أحوى
وانتظرنا ببابه حيث إنا
ما انتظرنا إلا الصبابة تطوى
هو والحب كالخطايا عليها
من ندوبٍ بها المشاعر تكوى
واحتفلنا به وليس علينا
من فضاء نعيده الآن زهوا
فإذا بالغنا يميس مخفا
في النواحي يسامر الروح بهوا
واستبقنا منه حياةً تغني
للمواويل تبعث الضوء شجوا
وابتدأنا حكاية الماء ظمأى
ذات نهر تصبّ في الروح شدوا
و هنا همّت المعارج تقفوا
فهممنا نقيم للوقت فحوى
وكتبنا على سطور النوايا
مولد الحب لحظةً فهي قصوى
وتوزعنا في غداة المصابيح
لنحدوا ترتيلة العشق حدوا
واشتبكنا ومرفأ الطهر يطفو
بالمشيئات بيننا فيه طفوا
وسألناه من سماء العطايا
لغة البوح ..ليس منا وسلوى
وعبرنا خلاله تلبياتٍ
ثم طفنا مدينة الشوق رجوا
وهناك ال(الطوى) رأيناه هديا
ورأينا بداخل النور رضوى
ورأينا مدار كل اصطفاء
كان يوليه جنة منه صنوا
وقرأنا تبيانه كوثريا
بمداد كأنه خُطّ توّا
واشتعلنا بوحيه ذات بوح
أخرويّ وكان ينسج جدوى
يا لمجد يحوطنا بعلاه
والتحيات حوله الآن أقوى
وكبرنا ملامحا حيث شمس
له فوق النهى ظلالا تسوى
ومشينا منه إليه حيارى
والمعاني تحفنا فيه ذروا
عتّقتنا صلاته فانتمينا
للسماوات وانتبهناه صحوا
واعتنقنا خلاصة المسّ حتى
رفضتنا من رفضه كل شكوى
فعلانا من كبرياه نماء
نبوي قد اتخذناه مهوى
وبنينا عليه شهقة قلب
والفنارات في يديه تسوّى
له فينا مدارك وهبات
لا تضاهى ولا تعدّ فتنوا
فعليه منا سلام عميق
بين أضلاعنا يحاكيه نشوى
وعليه عين السماء تصلي
كلما هزّ إسمه الكونَ عَدْوا