اكتشاف بركان قديم يشبه "عين سورون" في ثلاثية "سيد الخواتم"
البركان القديم يبدو كأنه عين سورون من ثلاثية سيد الخواتم، وتم اكتشافه بواسطة سونار متعدد الحزم على عمق 3100 متر تحت سطح البحر.
لم تكن "العين" البركانية وحيدة، فقد كُشفت المزيد من الخرائط في اتجاه الجنوب عن جبل بحري أصغر مغطى بالعديد من المخاريط البركانية (كومنولث البحوث العلمية والصناعية)
في اليوم الـ 12 من الرحلة الاستكشافية لسفينة "أبحاث المحيطات إنفيستيغيتور" (Research Vessel Investigator)، التابعة لمنظمة الكومنولث للبحوث العلمية والصناعية (CSIRO)، ظهر هذا البركان الذي لم يكن معروفًا وغير متوقع على شاشات جهاز السونار على شكل منخفض بيضاوي عملاق يسمى "كالديرا".
وذكر قائد المهمة، الدكتور تيم أوهارا، كبير أمناء اللافقاريات البحرية بمتاحف فيكتوريا (Museums Victoria) إلى أقاليم المحيط الهندي بأستراليا، -في بيان نشره على موقع "ذا كونفرسيشن" (The Conversation)- أن البركان كالديرا يبلغ عرضه 6.2 كيلومترات وطوله 4.8 كيلومترات، وهو محاط بحافة ارتفاعها 300 متر (تشبه جفون سورون)، وله قمة مخروطية الشكل بارتفاع 300 متر في مركزها ("بؤبؤ العين").
ظهر هذا البركان على جهاز السونار على شكل منخفض بيضاوي عملاق يسمى كالديرا (كومونزلث البحوث العلمية والصناعية)
ما هي "كالديرا"؟
تتشكل "كالديرا" عندما ينهار بركان، حيث تنتقل الحمم المنصهرة في قاعدة البركان لأعلى تاركة فجوات، ثم تنهار القشرة الصلبة الرقيقة الموجودة على سطح القبة، مما يخلق بنية كبيرة تشبه الحفرة، وفي كثير من الأحيان تبدأ قمة جديدة صغيرة بالتشكل في المركز حيث يستمر البركان في إطلاق الصهارة.
من "الكالديرا" المعروفة تلك الموجودة في كراكاتاو (Krakatoa) بإندونيسيا، والتي انفجرت عام 1883، مما أسفر عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص ولم يتبق سوى أجزاء صغيرة من حافة الجبل مرئية فوق الأمواج، وبحلول عام 1927 نما بركان صغير سُمّي Anak Krakatoa ("طفل كراكاتاو") في وسطه.
في المقابل، قد لا يكون العلماء على دراية بالانفجارات البركانية عندما تحدث في أعماق المحيط، وقد تكون واحدة من العلامات القليلة المنذرة هي وجود أطواف من حجر الخفاف تطفو على سطح البحر بعد تفجرها من بركان تحت البحر، وفي النهاية تغمر المياه حجر الخفاف هذا ويغرق في قاع المحيط.
"عين سورون" والجبال البحرية القريبة جنوب غرب جزيرة كريسماس (كومنولث البحوث العلمية والصناعية)
"العين" ليست وحيدة
لم تكن "العين" البركانية وحيدة، فقد كشفت المزيد من الخرائط في اتجاه الجنوب عن جبل بحري أصغر مغطى بالعديد من المخاريط البركانية، وفي الجنوب كان جبل بحري أكبر مسطح القمة، وعلى نهج ثلاثية "سيد الخواتم"، أطلق الفريق الاستكشافي عليهما اسم "القلعة المظلمة (Barad-dûr) و"جبال الرماد" (Ered Lithui) على التوالي.ورغم أن معرفة مؤلف الثلاثية بجيولوجيا الجبال لم تكن مثالية، فإن أسماء الجبال كانت مناسبة بشكل رائع؛ نظرا للطبيعة الخشنة لسطح الجبل الأول والحجر الخفاف الذي يغطى الجبل الثاني.
وتعتبر "عين سورون" و"باراد دور" و"إريد ليثوي" جزءا من مجموعة جبال "كارما" البحرية التي قدر علماء الجيولوجيا سابقا أن عمرها يزيد على 100 مليون سنة، والتي تشكلت بجوار سلسلة تلال بحرية قديمة من وقت كانت فيه أستراليا تقع في أقصى الجنوب قرب القارة القطبية الجنوبية.
وتشكلت قمة "إريد ليثوي" المسطحة بسبب تآكل الصخور بفعل الأمواج عندما برز الجبل البحري فوق سطح البحر، قبل أن يغوص ببطء عائدا إلى قاع المحيط الناعم، حيث تقع قمة إريد ليثوي الآن على عمق 2.6 كيلومتر تحت مستوى سطح البحر.
تعتبر عين سورون وباراد دور وإريد ليثوي جزءا من مجموعة جبال كارما البحرية (كومنولث البحوث العلمية والصناعية)
كالديرا تبدو حديثة
ولكن هنا تكمن المعضلة الجيولوجية، حيث تبدو هذه "الكالديرا" حديثة بشكل مدهش بالنسبة لهيكل يجب أن يكون عمره أكثر من 100 مليون عام، فإن "إريد ليثوي" يحتوي على ما يقرب من 100 متر من طبقات الرمل والطين فوق قمته، والتي تشكلت عن طريق غرق الكائنات الحية الميتة على مدى ملايين السنين.
معدل الترسيب هذا كان من شأنه أن يُخفي "كالديرا" جزئيًا، ولكن بدلاً من ذلك فإنه من الممكن أن تكون البراكين قد استمرت في الظهور أو تكونت براكين جديدة بعد فترة طويلة من تشكل الأساس الأصلي.
لكن الحياة تتكيف مع هذه التغيرات الجيولوجية، وأصبح "إريد ليثوي" مغطى الآن بحيوانات قاع البحر، وتقوم النجوم الهشة ونجوم البحر وسرطان البحر والديدان بالحفر أو التزلج فوق السطح الرملي، وينمو المرجان الأسود والمرجان المروحي وسوط البحر والإسفنج والبرنقيل على الصخور المكشوفة، وتتجول ثعابين "الكاسك" الجيلاتينية حول الأخاديد الصخرية والصخور، ويتربص سمك الخفاش بفرائسه مطمئنا.
مهمة الفريق الاستكشافي هي رسم خريطة لقاع البحر واستكشاف الحياة البحرية (كومنولث البحوث العلمية والصناعية)
منتزهات بحرية
مهمة الفريق الاستكشافي هي رسم خريطة لقاع البحر واستكشاف الحياة البحرية في هذه المساحات البحرية القديمة والمعزولة، وأعلنت الحكومة الأسترالية مؤخرًا عن خطط لإنشاء متنزهين بحريين ضخمين عبر هذه المناطق، وستوفر البعثة الاستكشافية البيانات العلمية التي تساعد أستراليا على إدارة هذه المناطق في المستقبل.ويشارك في الرحلة، علماء من متاحف وجامعات ومنظمة الكومنولث للبحوث العلمية والصناعية و"باش بليتز" (Bush Blitz)، وهو أكبر برنامج لاكتشاف الطبيعة في أستراليا، وعلماء آخرون من أنحاء أستراليا، وهم على وشك الانتهاء من الجزء الأول من الرحلة إلى منطقة جزيرة "كريسماس"، وسيتم تحديد الجزء الثاني من الرحلة إلى منطقة جزيرة "كوكوس" (Cocos) في العام المقبل أو نحو ذلك.
لا شك أن العديد من الحيوانات التي وجدوها ستكون جديدة على العلم، وسيكون أول تسجيل لوجودها من هذه المنطقة، ومن المتوقع العثور على المزيد من الاكتشافات المفاجئة.