مفهوم الإدارة المالية
لقد كان للتطّورات الجوهرية التي بدأت قبل الخمسينات، خاصة أزمة الكساد العظيم (1933 -1929) ومعالجة الآثار الناجمة عنه دورا كبيرا في توسع مفهوم الوظيفة المالية، حيث لم يعد دورها يقتصر فقط على جلب الأموال للمؤسسة بل امتّد ليشمل القرارات الخاصة بنوعية هذه الأموال، أي مدى الاعتماد على التمويل الداخلي أو التمويل الخارجي، كما تحّدد مدى الاعتماد على مصادر التمويل طويل الأجل أو مصادر التمويل قصير الأجل.ثّم تطّورت الوظيفة المالية إلى مجالات أخرى حيث أصبح المدير المالي يتّخذ قرارات خاصة بالاستثمارات المستقبلية في كل عنصر من عناصر الأصول الثابتة والأصول المتداولة، بما يضمن كفاية الأموال المستثمرة في كل أصل حتى لا تضيع فرص لتحقيق أرباح إضافية، وأيضا بما يضمن في نفس الوقت عدم المغالاة في الاستثمار فيها حتى لا يتّم إغراق جزء من الموارد المالية للمؤسسة في استثمارات إضافية لا يتحّقق من ورائها أي عائد.
كما تّم إضافة مهمتين إضافيتين يعتبران من مستلزمات عملية اتخاذ القرارات، حيث تتمثّل المهّمة الأولى في القيام بالتخطيط المالي للتعّرف على ما سوف تكون عليه الأوضاع في المستقبل وذلك قبل اتخاذ أي قرار، أّما المهّمة الثانية فتتمثل في تنمية بعض المعايير الرقابية للوقوف على حقيقة المركز المالي للمؤسسة ومعرفة مدى رشادة القرار.وهكذا تغّير مفهوم الإدارة المالية من وظيفة تهتّم بتوفير الأموال اللاّزمة للمؤسسة إلى وظيفة تختص باتخاذ القرارات في مجال الاستثمار وفي مجال التمويل، كما تختص بالتخطيط المالي والرقابة المالية.
ولهذا يمكن تعريف الإدارة المالية بأّنها: تلك الإدارة التي تقوم بنشاطات مالية متنوعة وذلك من خلال تنفيذها لوظائف متخصصة كالتحليل المالي، وتقييم المشروعات، واعداد وتفسير القوائم والتقارير المالية، والموازنات التقديرية، والاندماج، واعادة التنظيم، والتوجيه، والرقابة، ولكن بصيغة مالية، وبإنجاز الوظائف بكفاءة تستطيع تحقيق الأهداف المحددة لها وبالتالي المساهمة في تحقيق أهداف المؤسسة.