نهاية ضفدع شجاع!
فوزي صادق
سمع الضفدع العجوز أن الشباب من أبناء عشيرته غادروا المستنقع واتجهوا نحو البحيرات الحديثة المختلطة، والتي بها مغريات عصرية لا تخطر على بال! وقال لنفسه: مللت من حياتي البائسة، روتين يومي لا يتغير، نفس الحكاية منذ أن ولدت في هذا المستنقع، كل يوم نفس الأكل ونفس الوجوه ونفس الحياة، ولماذا أظل هنا وقفا وحكرا مع زوجتي المتهالكة، والتي أجبرت على الزواج بها. دعني أجرب ضفدعة من الجيل الجديد!
فرمى كل الاحتمالات المحتملة خلف ظهره، وقرر بجرأة التمرد على كل قناعاته ومعتقداته وأفكاره وموروث أجداده وأسلافه، والتي تربى عليها وعاشها بالمستنقع، فجلس يفكر مع نفسه على غير العادة كيف يكسر تابو المجتمع، فاتخذ القرار بلحق الركب نحو المجهول، فقص شعره وصبغه ولبس ثوبا جديدا ليبدو شبابا مثل ابنه الذي سبقه وهاجر.
يوم القرار صعد التل حتى وصل القمة، وفجأة! اكتشف أن هناك شمسا بلون مختلف لم يرها من قبل، وأن العالم كبير جدا، وبحيرات ضخمة تحيطها المسطحات الخضراء والأشجار الكبيرة، والمليئة بملايين الضفادع الملونة - الذين يفوقونه حجما وجمالا - فتوقف عند بحيرة، فخلع ملابسه، ونظر إلى نفسه بالماء، فوجد وجهه مليئا بالتجاعيد، وصدره غزاه الشعر الأبيض، وكرشه متدليا وأطرافه نحيفة، فطأطأ رأسه ولبس ثيابه. سأل نفسه! كيف سيتقبل الوضع الجديد، فهو يشعر أنه غريب قادم من كوكب آخر، وأنه وصل متأخرا، والفتيات هنا حسناوات وأكثر غنجا وإثارة من زوجته! والتي دائما يعيّرها بأنها «مثل أمه» فلا صحته ولا شكله ولا فكره تؤهله لمواكبة هذا المد العرمرم من التحضر والتطور.
المفاجأة! أنه وجد بناته وأولاده بالبحيرات مع شباب الضفادع. أنهم يسبحون ويأكلون ويضحكون وقد اختلط الحابل بالنابل.. جلس يفكر، كيف سأعيش معهم؟ وهل سأصمد؟ أنا من جيل مختلف وثقافة مختلفة! فتذكر كلام والده: بنيّ لا تخرج من المستنقع، فإن بالخارج سحالي تغريك بلسانها لتأكلك. بكى وتقبل الواقع المفروض بمرارة، ورجع إلى مستنقعه ومخدع زوجته، فسألته ماذا رأيت؟ فقال: العجب العجاب، أبناءنا لم تأكلهم السحالي، بل يلعبون ويرقصون بأحضانهم