ولد حسن كامل الصباح ف شهر آب ( أغسطس ) عام 1895 فى مدينة النبطية. وفى السادسة من عمره أدخله والده المدرسة الأبتدائية فى المدينة نفسها، فبرزت عنده ميول إلى علم الرياضيات. وفى عام 1908 نقل إلى المدرسة الإعدادية السلطانية فى بيروت حيث بدأت تظهر علائم نبوغه، إذ كان يظهر قدرة فائقة على حل المسائل الرياضية التى تفوق صعوبتها مستو تفكير من هم فى سنة.
ف عام 1914 دخل الكلية السورية الإنجيلية ( الجامعة الامريكية ). ولما واجهته صعوبات مالية أعفته إدارة الكلية من الأقساط وقدمت له بعض التسهيلات، وذلك بعدما لاحظوا تفوقه الواضح. وقضى الصباح فى الكلية المذكورة سنتين و أنه صف " السفومور ".
وفى شباط 1916 وصلت الحرب فى ذروتها، و أقفل ما تبق من مؤسسات تعليمية فى لبنان. و أستدعى الصباح للخدمة العسكرية الألزامية فى الجيش العثمانى، و ألحق بسرية اللاسلكى، ونقل إلى " كاشان " فى القسم الأوروبى من تركيا. ورقى خلال الحرب إلى رتبة ملازم أول، وبقى فى الخدمة حتى نهاية الحرب عام 1918.
فى أوائل عام 1919 قدم الصباح إلى دمشق و عين أستاذاً للرياضيات فى المدرسة السلطانية. و أستمر فى عمله حتى سنة 1921، أنتقل بعدها إلى بيروت. وقد تعرف بواسطة أحد أصدقائه إل رئيس الجامعة الأمريكية الذى عينه مدرساً للرياضيات براتب سنوى قدره مائتا ليرة إنجليزية فى السنة. وكان خلال ذلك يتابع التحصيل العلمى عل نفسه فجمع كتباً رياضية و فيزيائية متنوعة و درس ما فيها من نظريات مختلفة. وبعد مض أقل من سنة أستقال الصباح من عمله.
كتب الصباح إلى عميد كلية الهندسة فى جامعة بوسطن يشرح له فيها رغبته بأكمال دراسة الهندسة الكهربائية. فقبل طلبه، و غادر بيروت بحراً ووصل نيويورك فى تشرين الاول 1921.
بعد مرور سبعة أشهر على إلتحاقه بكلية الهندسة بدأت الصعوبات تقف فى وجه الصباح، فتأمين الأقساط بات متعذراً. لذلك لم يجد بداً من العمل، و ألتحق فى صيف
1922 بمختبرات شركة " جنرال الكتريك ". وفى نهاية صيف السنة نفسها أتصل بجامعة " إلينزو " وطلب دخول قسم الهندسة، وبعد تقديم الأمتحان حصل على شهادة فى العلوم الفيزيائية. ثم تسجل للحصول على شهادة الهندسة ( B.S.C )، وبعدما أنهى سنته و نال علامات ممتازة أضطر إل ترك الجامعة مجدداً بسبب عدم قدرته على توفير الأقساط. مع ذلك حصل على أساتذته على إفادات بإنهاء المواد المطلوبة. ثم عاد من جديد إلى شركة " جنرال إلكتريك " التى أعتبرته من حاملى شهادة الهندسة الكهربائية. وكان الصباح قد تعهد بأن تكون الأختراعات التى يتوصل إليها كلها بأسم الشركة.
ما أن بدأ الصباح العمل فى الشركة كمهندس أصيل حتى شرع فى الأختراعات. وكان أولها آلة كهربائية تهدف إلى إنارة المصابيح الكهربائية المتسلسلة بنور ثابت، وقد نشرت مجلة الشركة أسمه و أختراعه، وكذلك الصحف المحلية. وكان له فى حقل التلفزيون الفضل الأكبر فى إعطاء هذا الحقل طابعه الخاص، وهذا ما لفت أنظار المسؤولين الرسميين و نشرت الصحف خبر هذا التقدم المهم.
أما العام 1928 فكان حافلاً بتسجيل الأختراعات للصباح، وكذلك العام التال، وفى 15 حزيران ( يونيو ) كتب إيليا أبو ماضى مقالاً مطولاً ف مجلة " السمير " يتحدث فيه عن عبقرية هذا " العالم المجهول" ف دنيا الأغتراب.
بدأ اسم الصباح ينتشر فى دنيا العلوم، فأتصلت به شركات ألمانية و إيطالية و فرنسية تطلب منه أن يشرح لها بعض ما توصل إلى إنجازه. كما تكاثرت عليه العروض، ومنها عرض سوفياتى، فأب إلا البقاء داخل شركته. ووجهت إليه دعوة لحضور مؤتمر الكهرباء ( 1932 ) فى باريس، فلم يسافر و أكتفى بإرسال تقرير من 112 صفحة شرح فيه نظريته الجديدة فى المبادئ الكهربائية و آراءه فى الإلكترونيات، فلقى تقريره القبول الكامل من اللجنة الفنية للمؤتمر. ثم نال الصباح الجنسية الأمريكية مكافأة على أعماله.
وفى عام 1933 أزداد عدد أختراعات الصباح، فوصله من المؤسسة الأمريكية للمهندسين الكهربائيين رسالة تعلمه أنه أنتخب عضواً فى المؤسسة. وهذه رتبة لم يكن ينالها إلا النوابغ من كبار الأساتذة الجامعيين.
بعدما بدأ نجم حسن كامل الصباح يتألق فى سماء المعرفة أنطفأ بصورة فجائية عام 1935. فقد أنحرفت به سيارة كان يقودها عائداً إلى منزله، ووقع بها عن علو شاهق وقتل، وقد أعتقد ان وراء مقتل الصباح جريمة. فكان لموته صداه المؤلم فى الشركة التى عمل لها و للإنسانية بإخلاص. ونقل جثمانه فى 25 يار ( مايو ) 1935 إلى لبنان، وجر له تشييع رسمى و شعبى، ودفن فى مسقط رأسه النبطية.
كان الصباح من الرياضيين العرب الاوائل الذين أستوعبوا " نظرية النسبية ". ونسبية آنشتاين نظرية ترتكز قاعدتها على فقد للمقاييس التى كانت سائدة فى حقلى الزمان و المكان و الكتلة و الطاقة.
وكان الصباح الوحيد الذى تجرأ على مناقشة آراء آنشتاين الرياضية و أنتقادها، وذلك فيما يتعلق بالوقت النسبى و المكان النسبى و الكتلة و الطاقة. وكان للصباح آراء جديدة و نظريات فى الحقل النووى. كما قام بوضع تصميم طائرة تحلق إلى طبقة من الغلاف الجوى تبلغ سماكتها حوالى 30 كلم. و من أختراعات الصباح المهمة :
- تحويل الأشعة الشمسية إلى طاقة كهربائية، عن طريق جهاز إرسال متلفز يستعمل فيلماً يحول أشعة الشمس إلى قوة كهربائية دافقة.
- فى حقل التلفزة وضع الصباح جهاز إرسال تلفزيونى يستخدم الأنعكاس الألكترونى عن فيلم رقيق أحادى الذرة قابل لإيصال التيار فى الأشعة الكاتودية.
- من أختراعات الصباح المتنوعة : آلة كهربائية خاصة بالبخار، وجهاز لقياس ضغط البخار داخل أنابيب التفريغ الكهربائى، وجهاز لتفريغ الشحن الكهربائى فى الفضاء.
ولابد من الإشارة إلى أننا لم نورد إلا عدداً ضئيلاً من أختراعات حسن كامل الصباح و التى ناهز عددها مئة أختراع لا تفاوت بينها من حيث الاهمية العلمية. و نشير كذلك إلى أن هذا العالم كانت له مواقفه و نظرياته فى حقول الوجود و الدين و السياسة و الفن و الأدب و الأجتماع.