وضع حد لهذه العلاقة الجائرة يبدو غير ممكن، لكن يمكن التخفيف من وطأة ذلك من خلال إشراك السكان المحليين في اتخاذ بعض الإجراءات التنظيمية التي تساهم في ضبط هذا الصراع.
دعوة لتعايش الإنسان والحياة البرية يتضمنها التقرير الجديد للصندوق العالمي للطبيعة (مواقع التواصل)
كشف تقرير علمي جديد صدر بالشراكة بين الصندوق العالمي للطبيعة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، أن العلاقة بين الإنسان والحيوانات البرية جائرة، وأن البشر ما زالوا يشكلون مصدر تهديد مستمر لهذه الحيوانات.
وأوضح التقرير الذي صدر يوم 8 يوليو/تموز الجاري تحت عنوان "مستقبل للجميع.. الحاجة إلى تعايش الإنسان مع الحياة البرية (A Future for All :The Need for Human – Wildlife Coexistance) أن هذا الصراع غالبا ما يؤدي إلى قتل الناس للحيوانات دفاعا عن النفس أو من باب الانتقام، مما يدفع أنواعا من الحيوان إلى الانقراض.
ومثّل التقرير لهذه العلاقة الجائرة بما حدث في ولاية إيداهو بشمال غرب الولايات المتحدة، حيث تم تمرير مشروع قانون يجيز قتل 90% من ذئاب الولاية، لأن تغذّيها على الماشية زاد كثيرا.
تتعرض حوالي 75% من القطط البرية إلى الموت بسبب الإنسان (غيتي إيميجز)
تراجع بنسبة 68%
وقالت خبيرة الحياة البرية في الصندوق العالمي للطبيعة مارغريت كينيرد -في البيان الصحفي الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة- "العالم يعرف حاليا تغيرات كبيرة في الأنواع الحيوية. أعداد الحيوانات البرية تراجعت بنسبة 68% منذ 1970، وهذا مؤشر ينذر بالخطر لما له من تأثير على جميع الأنواع".
وذكر التقرير الذي شارك فيه 155 خبيرا من 27 بلدا على المستوى العالمي، أنه حوالي 75% من القطط البرية تتعرض للموت بسبب الإنسان، وهو نفس المصير الذي تواجهه العديد من الحيوانات البرية مثل الدب القطبي والفيلة والكثير من الأنواع البحرية.
وأوضح التقرير أن الحياة البرية كانت دائما مهددة بسبب التغيرات المناخية والتجارة غير الشرعية وغيرها من العوامل المدمرة، ليأتي هذا الصراع بين الإنسان والحيوانات البرية فيزيد الأمر خطورة.
الدب القطبي يتعرض للتهديد بسبب الصراع مع الإنسان (آلان ويلسون-نيتشر سبيشز أونلاين)
دعوة لصناع القرار
وذكر التقرير أن إشكالية الإنسان وعلاقته بالحياة البرية لها بعد إنساني، ولها علاقة مباشرة أيضا بتحقيق أهداف التنمية المستدامة المتمثلة في الحفاظ على التنوع البيولوجي، لكن صناع القرار لا يزالون يهملون هذه الأهمية، وهم بذلك مطالبون باتخاذ الإجراءات الضرورية في سياساتهم الجديدة.
وقالت مديرة قسم الأنظمة الإيكولوجية ببرنامج الأمم المتحدة للبيئة سوزان غاردنر -في البيان الصحفي- "هذا التقرير يدعو صناع القرار إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية لاحتواء الوضع على المستويين المحلي والدولي.
كما يحمل دعوة لتبني "مقاربات لمعالجة هذا الوضع بالاعتماد على السكان المحليين، لأنهم الأكثر تضررا من هذا الوضع المزري".
السكان المحليون بمحمية كافانغو زامبيزي سيجوا المناطق التي ترعى فيها المواشي لمنع هجوم الأسود عليها (كافانغو زامبيزي)
إشراك السكان المحليين
وبالرغم من أن وضع حد نهائي لهذه العلاقة الجائرة يبدو غير ممكن، فقد أوضح واضعو التقرير أنه يمكن التخفيف من وطأة ذلك من خلال إشراك السكان المحليين في اتخاذ بعض الإجراءات التنظيمية التي تساهم في ضبط هذا الصراع.
ففي المحمية الطبيعية "كافانغو زامبيزي" (Kavango Zambezi) بأفريقيا، والتي تضم أجزاء من 5 دول أفريقية هي: ناميبيا، وبوتسوانا، وأنغولا، وزامبيا، وزيمبابوي، قام السكان المحليون عام 2016 بتسييج المناطق التي ترعى فيها قطعان المواشي، لمنع الأسود من الاعتداء عليها ليلا.
وقد ساهم هذا الإجراء في الحفاظ على حياة المواشي بنسبة 95%، وأيضا على الأسود التي كانت تتعرض للقتل من طرف السكان أثناء عمليات الاعتداء، والنتيجة أنه لم تحدث أية عملية قتل عام 2016 مقابل 15 عملية عامي 2012 و2013.