العناكب القافزة تتمتع بقدرة ذهنية وتميز بين الأشياء الحية وغير الحية
قد لا تمتلك العيون الثانوية الموجودة على جانب الرأس في العناكب القافزة حدة البصر المشابهة للعينين الكبيرتين، لكنها تمنح العناكب رؤية بزاوية 360 درجة تقريبا
العناكب القافزة هي أكبر فصيلة من العناكب ويمكن التعرف عليها عن طريق نمط أعينها (بيكسابي)
في اختبار جديد، تصرفت العناكب القافزة البرية بشكل مختلف عند تقديم أشياء حية وغير حية لها، بطرق تشير إلى قدرتها على التمييز بينها.
كتب الباحثون في ورقتهم البحثية المنشورة بدورية "بلوس بيولوجي" (PLOS Biology) في 15 يوليو/تموز الجاري، "تُظهر هذه النتائج بوضوح قدرة العناكب القافزة على التمييز بين إشارات الحركة البيولوجية".
وأضافوا "إن وجود نظام كشف بيولوجي قائم على الحركة في العناكب القافزة يعمّق الأسئلة المتعلقة بالأصول التطورية لإستراتيجية المعالجة البصرية هذه ويفتح إمكانية انتشار مثل هذه الآليات في جميع أنحاء المملكة الحيوانية".
لا يقترح البحث فقط أن هذه القدرة يمكن العثور عليها على نطاق أوسع في المملكة الحيوانية أكثر مما عرفناه من قبل، بل يوضح أنه يمكن استخدام الإعداد التجريبي لفريق العمل في هذه التجربة لاختبار اللافقاريات الأخرى بالطريقة ذاتها.
التجارب أظهرت أن العناكب القافزة البرية تستطيع التمييز بين الأشياء الحية وغير الحية (بيكسابي)
العناكب القافزة
العناكب القافزة هي أكبر فصيلة من العناكب بنسبة قريبة من 13% من مجموع كل أنواع العناكب، ويمكن التعرف عليها عن طريق نمط أعينها، فكل العناكب القافزة لها 4 أزواج من الأعين أو 8 عيون، لكن عيون العناكب القافزة تحتوي على بركتين كبيرتين متلألئتين من الأسود الشفاف على واجهات وجوهها الصغيرة، مما قد يمنحها رؤية لونية رباعية اللون.
وللعناكب القافزة أحد أفضل قدرات الرؤية من بين المفصليات وهي تستخدمها في المغازلة والصيد والملاحة، ويبدو أنها مرشح ممتاز للاختبار، بسبب رؤيتها الرائعة بشكل مذهل.
ومع أن العناكب القافزة عادة ما تتحرك ببطء وبحركة غير ملاحظة، فإن معظم الأنواع قادرة على عمل قفزات رشيقة، وخصوصا وقت الصيد، وللاستجابة للتهديدات المفاجئة في بعض الأحيان.
مسألة حياة أو موت
عندما تفكر في الأمر، فمن المنطقي أن تكون المخلوقات قادرة على التمييز بين الأشياء الحية وغير الحية. ويمكن أن تكون هذه الصفة مسألة حياة أو موت، لأنها تستخدم هذه المعرفة في الهروب من الحيوانات المفترسة، أو مطاردة الفريسة.
ومع ذلك، لم يكن من الواضح ما إذا كانت الحيوانات اللافقارية الصغيرة تعتمد على القدرة على التمييز بين الأشياء المتحركة وغير المتحركة، أو الأشياء الحية وغير الحية.
وأشار تقرير منشور على موقع "ساينس ألرت" (Science Alert) إلى أن فريقا من الباحثين بقيادة عالم الأحياء ماسيمو دي أجرو، الأستاذ بجامعة هارفارد (Harvard University)، جمع 60 عينة من العناكب القافزة البرية (Menemerus semilimbatus)، الشائعة من جميع أنحاء نصف الكرة الشمالي. ثم خضعت هذه العناكب لاختبار نقطة الضوء المصمم خصيصا لها.
الفريق قام بجمع 60 عينة من العناكب القافزة البرية من جميع أنحاء نصف الكرة الشمالي (بيكسابي)
ويعمل هذا الاختبار بطريقة مشابهة لعرض 11 نقطة متحركة تتوافق مع مواقع المفاصل الرئيسية في جسم الإنسان، فيمكن للأشخاص الخاضعين للاختبار التعرف على نمط الحركة على أنها تنتمي إلى الإنسان على سبيل المثال.
وعلى المنوال نفسه، صمم دي أجرو وفريقه عرضا ضوئيا مشابها يعتمد على مفاصل العنكبوت. وصمموا أيضا شاشات عرض ضوئية أخرى، بما في ذلك القطع الناقص المتحرك، والحركة العشوائية التي لا تشبه حركات أي كائن حي.
لإظهار الرسم المتحرك للعنكبوت، قام الفريق بتثبيت جسم العنكبوت في مكانه فوق "حلقة مفرغة" كروية تتدحرج فوق تيار من الهواء المضغوط.
الطريقة التي حاول بها العنكبوت المشي فوق جهاز المشي كانت تعتبر مؤشرا على استجابته للرسوم المتحركة ذات الضوء النقطي. ثم عُرض على كل من العناكب الـ60 شاشات عرض ضوئية، وسجلت ردود أفعالها بعناية.
الباحثون أعادوا جميع العناكب إلى البرية (بيكسابي)
معرفة المزيد
من المثير للاهتمام، أن العناكب القافزة كانت تدور حول أجسادها لتحدق بأعينها الكبيرة في شاشات العرض التي كانت أقل واقعية. كان التأثير أكثر وضوحا مع عرض نقطة الضوء العشوائي، والذي كان يتحرك بشكل أقل من الكائن الحي.
أدرك الفريق أن لهذا علاقة بكيفية عمل عيون العناكب. قد لا تمتلك العيون الثانوية الموجودة على جانب الرأس في العناكب القافزة حدة البصر المشابهة للعينين الكبيرتين، لكنها تمنح العناكب رؤية بزاوية 360 درجة تقريبا.إذا اكتشف العنكبوت شيئا ما بتلك العيون يمكنه التعرف عليه، وإذا اكتشف شيئا لا يتعرف عليه، فسيعطي الأولوية لهذا الشيء الغريب، لأن الشيء الذي يمكن التعرف عليه سيبقى في مجال رؤيته.
وكما أوضح دي أجرو "تنظر العيون الثانوية إلى عرض الضوء النقطي للحركة البيولوجية ويمكنها بالفعل فهمها، في حين أن الحركة العشوائية الأخرى غريبة ولا تفهم ما هو موجود".
أعاد الباحثون جميع العناكب الـ60 إلى البرية مرة أخرى، ويأمل الفريق أن يتم استخدام نظامهم لتطبيق اختبارهم على اللافقاريات الأخرى، مثل الحشرات والقواقع، من أجل محاولة معرفة المزيد حول كيفية تطور هذه القدرة.