فيضانات أوروبا.. الاحترار سيزيد حدّة بواعثها في المستقبل
يقدّر العلماء أن هذه العواصف بطيئة الحركة ستكون أكثر تواترا 14 مرة بحلول نهاية القرن فوق أوروبا وحوض المتوسط.
التقلبات الجوية فوق أوروبا أدّت إلى فيضانات غير مسبوقة (رويترز)
شهدت مناطق واسعة من القارة الأوروبية في الأيام الماضية أمطارا غزيرة تسببت في فيضانات أغرقت العديد من المدن في ألمانيا وبلجيكا خاصة، وأودت بحياة عشرات الأشخاص، وأوقعت خسائر مادية كبيرة.
وقد أثارت هذه الظاهرة المناخية المتطرفة تساؤلات عن العوامل التي أدّت إلى حدوثها وعلاقتها بالتغيرات المناخية التي يشهدها العالم.
التقلبات الجوية فوق أوروبا بسبب ظاهرة "القطرة الباردة" يوم 15 يوليو/تموز الماضي (تطبيق فينتوسكي)
القطرة الباردة وتشبع التربة
تعود هذه الأمطار الغزيرة التي تهطل على جزء من أوروبا إلى ظاهرة "القطرة الباردة" (cold drop)، وهي ظاهرة غير معتادة في هذا الوقت من العام فوق أوروبا، وتحدث عندما يعزل الهواء الساخن كتلة من الهواء البارد على ارتفاعات عالية من الغلاف الجوي فوق منخفض جوي، فيؤدي ذلك إلى هطل أمطار قوية ومتواصلة على المستوى المحلي.
وحسب بعض التقارير الإعلامية فقد بلغت كمية مياه الأمطار التي هطلت في بعض الأماكن 150 لترا في المتر المربع في 24 ساعة فقط.
وما زاد الطين بلة هو حدوث انزلاقات أرضية بعد تشبع التربة بالمياه وعجزها عن امتصاص مزيد منها فزاد ذلك حدّة السيول وارتفاع مستوى الأنهار. ووصف عدد من خبراء المناخ ما وقع بكونه صادما من حيث شدة الأمطار وما أحدثته من فيضانات وخسائر فادحة في الأرواح والممتلكات.
عواصف أبطأ وأشد
وتشير العديد من الأدلة إلى الدور الرئيس الذي يضطلع به الاحتباس الحراري في حدوث مثل هذه الظواهر، فالجو الأكثر دفئا يحتوي على كميات أكبر من الماء ويمكن أن يتسبب في هطل أمطار غزيرة. كما تشير إلى أن التغير المناخي سيؤدي في المستقبل إلى مزيد من العواصف الشديدة في جميع أنحاء أوروبا وحول حوض المتوسط.
فقد وجدت دراسة جديدة أعدّها باحثون من "جامعة نيوكاسل" (Newcastle University) أن تغير المناخ يقود إلى زيادة كبيرة في العواصف الشديدة في المستقبل.
وبدراسة كيفية تأثير المناخ في العواصف المطيرة الشديدة في جميع أنحاء أوروبا، أظهر خبراء المناخ، وفقا لبيان صحفي نشر على موقع الجامعة، أن هناك زيادة كبيرة متوقعة في العواصف المطيرة البطيئة الحركة في المستقبل.
وتوصلت نتائج الدراسة المنشورة في مجلة "جيوفيزيكال ريسيرش لترز" ( Geophysical Research Letters) إلى أن العواصف التي تنتج أمطارا غزيرة ستتحرك حركة أبطأ مع تغير المناخ، وذلك يزيد مدة استمرار هذه الظواهر المتطرفة.
ويقول الباحثون إن العواصف المطيرة شبه الثابتة أو البطيئة تعدّ غير شائعة حاليا في أوروبا ونادرا ما تحدث فوق أجزاء من البحر الأبيض المتوسط، ولكن من المتوقع أن يتواتر حدوثها في المستقبل.
ووجد الباحثون الذين استخدموا نماذج محاكاة مناخية مفصلة أن حركة العواصف الأبطأ ستعمل على زيادة كمية هطل الأمطار التي تتراكم محليا، وذلك سيزيد مخاطر الفيضانات المفاجئة في جميع أنحاء أوروبا بما يتجاوز ما كان متوقعا في دراسات سابقة.
العواصف بطيئة الحركة ستكون أكثر تواترا 14 مرة بحلول نهاية القرن فوق أوروبا وحوض المتوسط (موقع إيه جي يو)
أكثر تواترا في المستقبل
ويقدّر العلماء أن هذه العواصف البطيئة الحركة ستكون أكثر تواترا 14 مرة بحلول نهاية القرن فوق أوروبا وحوض المتوسط. ويتميز هذا النوع من العواصف بقدرته التراكمية العالية جدا في هطل الأمطار وآثارها المدمرة، كما حدث في ألمانيا وبلجيكا.
ويتوقع الباحثون أن تغطي العواصف الشديدة والبطيئة الحركة القارة بأكملها في فصل الصيف بحلول عام 2100، وأن يشهد البحر الأبيض المتوسط مزيدا من هذا النوع من العواصف بخاصة في شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني، وذلك يؤدي إلى تمديد ذروة موسم العواصف في كل عام.وحسب مؤلفي الدراسة يعود السبب الرئيس في زيادة وتيرة العواصف المطيرة وشدّتها إلى انخفاض التباين في درجات الحرارة بين القطبين والمناطق الاستوائية انخفاضا يضعف الرياح في الطبقات العليا من الجو في الخريف.
ويقول الباحثون إن نتائج هذه الدراسة، إلى جانب الفيضانات الحالية في أوروبا، تؤكد أهمية إنتاج أنظمة محسنة للإنذار في حالات الطوارئ وإدارتها، وتطبيق عوامل أمان تغير المناخ في تصميمات البنية التحتية لجعلها أكثر قوة في مواجهة أحداث الطقس القاسية، كما تظهر الآثار الخطرة التي يمكن توقعها في حال لم تُكبح انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.