إليك كل ما تحتاجين معرفته عن تربية طفلك على التحدث بلغتين مختلفتين
خلصت الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يتحدثون لغتين لديهم مهارات تواصل أفضل مقارنة بأولئك الذين يتحدثون لغة واحدة.
تعلم الطفل لغتين أسهل عندما يُنظر إليه على أنه تجربة ماتعة للجميع بدلا من أن يكون عملا روتينيا مكثفا (غيتي)
أضحى المزيد من الآباء والأمهات يشعرون بالفضول حول كيفية تربية طفل يتحدث بلغتين، وما إذا كان يمكن لتعليمه -لغتين في الآن نفسه- أن يمثل عائقا أمام مهاراته اللغوية بشكل عام، وخاصة أن التحدث بأكثر من لغة أصبح مهارة تتنامى يوما بعد يوم بالتزامن مع انتشار العولمة.
والشخص ثنائي اللغة يُجيد عادة لغتين مختلفتين. وفي الغالب، يترعرع الناس الذين يتحدثون لغتين إما مع أحد الآباء أو كلاهما والذين يتحدثان لغة مختلفة عن السائدة في بلدهما، على غرار عيش طفل مع والديه الناطقين بالإسبانية بالتزامن مع عيشهم في الولايات المتحدة، أو ترعرعوا في بلد أو منطقة يتحدث السكان فيها لغة مختلفة عن التي يسمعونها في المنزل؛ مثل عيش الطفل مع والديه الذين يتحدثان الإنجليزية وانتقلا للعيش في فرنسا.
بالإضافة إلى ذلك، من الممكن أن يختار بعض الآباء تسجيل أطفالهم لأخذ دروس في لغة ثانية في وقت مبكر على أمل تربية أطفالهم على أن يتحدّثوا لغتين على الرغم من أنهما يتحدثان باللغة الإنجليزية ويعيشان ضمن مجتمع يتحدث اللغة ذاتها.
وقالت الكاتبة سابيينا باومن -في تقرير نشرته مجلة "سكاري مامي" (scarymommy) الأميركية- إنه من الصعب ترسيخ لغة ثانية منذ نعومة أظافر طفلك، وخاصة إذا لم يكن الأب والأم يتحدثان لغة أخرى غير لغتهما الأصلية، ولا يعيشان في بلد أو مجتمع يمكن للأطفال أن يندمجوا بشكل طبيعي بتعلّم لغة ثانية. لذلك، لن يتمكن طفلك الصغير من استيعاب لغة ثانية بالسرعة نفسها التي يتعلّم فيها الطفل الذي ينشأ داخل أسرة ثنائية اللغة.
اقرأي لطفلك باللغة غير المهيمنة (اللغة التي لا يسمعها كثيرا) قدر الإمكان (بيكسابي)
ما أفضل طريقة لتربية طفل يتحدّث لغتين؟
أفضل طريقة لتشجيع طفلك على التحدث بلغة ثانية تتمثل بممارستها معه خاصة إذا ما كان الأبوان يتحدّثانها. ووفقا لمجلة "سيكولوجي توداي" (Psychologytoday)، كلما تحدثتِ لطفلك بأيّة لغة زاد عدد الكلمات التي سيتعلّمها. كما يمكنك طلب المساعدة من أفراد العائلة الذين يتحدثون اللغة الثانية التي تريدين لطفلك أن يتقنها.
نشاطات مساعدة
يعد أفضل شيء يمكنك القيام به هو التحدث مع طفلك باللغة غير المهيمنة (اللغة التي لا يسمعها كثيرا) قدر المستطاع، وتشجيع الأشخاص الآخرين في محيطك الذين يتحدثون اللغة على فعل الشيء نفسه. وفي نهاية المطاف، يستوعب الأطفال الفروق الدقيقة في أية لغة من خلال الاستماع إليها. لذلك، يعدّ من المنطقي أنه كلما كانوا أكثر اندماجا في تعلّم اللغتين؛ تعلموا أكثر.
وفيما يلي، بعض الأمور الأخرى التي يمكنك تجربتها إلى جانب التحدث إلى طفلك بلغتين في المنزل:
- اقرأي لطفلك باللغة غير المهيمنة قدر الإمكان.
- تحدثي لطفلك عن الأشياء التي يستمتع بها -كالرسوم المتحركة أو لعبته المفضلة- باستخدام اللغة غير المهيمنة. بالإضافة إلى ذلك، شجّعي أفراد عائلتك الآخرين على فعل الأمر نفسه.
- إذا كنت تفكرين بتوظيف جليسة أو مربية أطفال، ففكّري باختيار شخص يتحدث اللغة الثانية التي تريدين أن يتعلّمها.
- دعِ طفلك يظهر لك ما يفضّله. فعلى سبيل المثال، إذا كنت ستتّبعين الطريقة التي يتحدّث فيها أحد الوالدين بشكل حصري بلغة ما في حين يتحدث الشريك بلغة أخرى، فعليك التأكد من عدم شعور طفلك بالإحباط بسبب العملية.
من الصعب ترسيخ لغة ثانية منذ نعومة أظافر طفلك، وخاصة إذا لم يكن الأب والأم يتحدثان لغة أخرى غير لغتهما الأصلية (غيتي)
ما مزايا التحدث بلغتين؟
بالنسبة للعديد من الأسر، لا ينفي تربية طفل يتحدث لغتين الحفاظ على تراثها. في هذه الحالة، يعد ضمان إمكانية تحدّث طفلك إلى جميع أفراد الأسرة بثقة -بالإضافة إلى تقدير ثقافتهم- من بين هذه المزايا.
فضلا عن ذلك، يمكن للتحدث بلغتين أن يفتح الباب أمام طفلك في المستقبل في الحصول على فرص عمل ممتازة نظرا لانفتاح سوق العمل على العالم.
وقالت الكاتبة إن إحدى الدراسات -التي نُشرت عام 2016 في مجلة العلوم النفسية- خلصت إلى أن الأشخاص الذين يتحدثون لغتين لديهم مهارات تواصل أفضل مقارنة بأولئك الذين يتحدثون لغة واحدة.
ووفقا لمجلة "سيكولوجي توداي"، يرتبط التحدث بلغتين بالتعلم بشكل أكثر كفاءة، فضلا عن الفوائد المعرفية المنجرة عنه على المدى الطويل. ويشير التقرير نفسه إلى أن الباحثين وجدوا أن الأشخاص الذين يتحدثون لغتين يمنعهم من الإصابة مبكرا بمرض الزهايمر والخرف مقارنة بأولئك الذين لا يتحدثون سوى لغة واحدة، مما يعني أن تربية طفلك على أن يتحدث لغتين يمكن أن تكون له فوائد طويلة الأمد طوال حياته.
الأطفال الذين يتحدثون بلغتين يميلون لتكوين مفردات أقل مقارنة بالمفردات التي يمتلكها الأشخاص الذين يتحدثون لغة واحدة (شترستوك)
ما مساوئ التحدث بلغتين؟
وعلى الرغم من الفوائد المعرفية والاجتماعية المنجرة عن التحدث بلغتين؛ فإن هناك بعض المساوئ. بشكل عام، يميل الأطفال الذين يتحدثون بلغتين إلى تكوين مفردات أقل في اللغتين مقارنة بالمفردات التي يمتلكها الأشخاص الذين يتحدثون لغة واحدة، وذلك وفقا لدراسة نُشرت في موقع "ساينس دايركت" (Science direct). وفي حال عدم تمكنهم من إيجاد المفردات الصحيحة، يلجأ الأشخاص الذين يتحدثون بلغتين إلى استخدام مفردات لا تؤدي إلى المعنى الصحيح، بحسب الكاتبة.
وأشارت جمعية اللسانيات الأميركية إلى أن الأفراد الذين يتحدثون لغتين يعانون من تباطؤ في تطور اللغة لديهم. مع ذلك، لا تؤثر هذه المساوئ على التعليم العام للطفل الذي يتحدث لغتين، وعلى الفوائد المعرفية والاجتماعية وحتى الاقتصادية التي تفوق بكثير حقيقة أن يكتسب طفلك الذي يتحدث لغتين كلمات بمعدل أبطأ في وقت مبكر من حياته.
وأضافت الكاتبة أنه في حال كانت تربية طفلك على التحدث بلغتين أمرا مهما بالنسبة لك لأسباب ثقافية، أو في حال كنت تشعر ببساطة أنها وسيلة لإعداد طفلك للنجاح في المستقبل، فستتفوّق المزايا على المساوئ. فضلا عن ذلك، حاول ألا تضع الكثير من الضغط على نفسك أو طفلك. كما هو الحال مع معظم الأشياء، حيث يُعدّ تعلم لغتين أسهل عندما يُنظر إليه على أنه تجربة ماتعة للجميع بدلا من أن يكون عملا روتينيا مكثفا.