دخان من داخل ورشته: قدمت خطا جديدا يحمل النكهتين العربية والآسيوية
ما الذي يربط بين الحروف العربية والرموز اليابانية والصينية؟ ربما تكون الإجابة للوهلة الأولى هي: لا شيء، لكن الخطاط العراقي الشاب طه دخان كان له رأي آخر، حيث عمل خلال عدة شهور على تطوير خط عربي جديد، مستوحى من طريقة الكتابة اليابانية، أسماه: خط "نيهو عربي".
يقول دخان إنه أراد أن يتميز بخط خاص به، فاختار أحد أشهر أساليب الكتابة التقليدية في العالم واللافتة للنظر، وهي الكتابة الشرق آسيوية وخاصة اليابانية، فقرر أن يبتكر خطا جديدا مستنبطا منها.
سورة الفلق كتبها دخان بخط "نيهو عربي"
يضيف للجزيرة نت أنه واجه صعوبات في البداية، لأنه لم يكن يمتلك مصادر كاملة ووافية حول بناء الخط الياباني والصيني، لكنه استمر في عملية البحث والدراسة، وتواصل مع فنانين يابانيين وصينيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حتى نضجت فكرته.
وبحسب الخطاط الشاب، فإن قواعد الكتابة اليابانية تعتمد على نظام المربع والمعين وحصر الكلمات والرموز داخلها، أما الخط العربي فهو يعتمد على الخط العمودي والمستقيم والدائرة، فقام بالمزج بين الطريقتين، وبناء حرف جديد يحمل النكهتين العربية والآسيوية، على حد تعبيره.
لا تشك للناس جرحا أنت صاحبه.. لا يؤلم الجرح إلا من به ألم
ورغم أنه لم يزر اليابان أو الصين أو يتعلم لغتيهما، فإن رموز كتابتيهما قد اجتذبته، خاصة أنهما تكتبان بالفرشاة، في حين أن الكتابة العربية تعتمد على القلم، فقرر أن يبتكر فنا جديدا يدمج بين الأسلوبين في خط واحد، بمجهود فردي خالص، كما يؤكد للجزيرة نت.
دخان يقول إن البداية لم تكن سهلة
رفض ثم قبول
لم تكن البداية سهلة، فقد استمرت عملية التجارب مدة طويلة حتى ينضج هذا الخط الجديد ويكون ذا قواعد ثابتة يمكن تقليدها والكتابة على أساسها، بالإضافة إلى قابليتها للشرح السهل والتنفيذ.
وحين بدأ دخان نشر أول أعماله الجديدة على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المجلات، تفاعل الجمهور معها ونال الكثير من الإعجاب والتشجيع، كما يؤكد، وهو ما كان حافزا له ليستمر في مشواره هذا، ودافعا ليكتب عن التجربة ويعرّف بها.
لكنه واجه أيضا شيئا من الرفض و"عدم الارتياح" من قبل بعض الخطاطين الذي استهجنوا خطه الجديد هذا، واعتبروه مجرد "شخبطة" دخيلة على الخط العربي وتراثه الطويل الممتد.
يقول دخان: أوضحت لهم أن "نيهو عربي" ليس خطا عربيا بحتا، بل هو فن كتابة أو أسلوب جديد في الكتابة، وليس أحد أنواع الخطوط العربية المعروفة، وبدأ بعضهم بعد ذلك في تقبل الفكرة، بحسب قوله.
يضيف أنه استمر في التواصل مع فنانين يابانيين وصينيين، وبدأ خطه الجديد ينتشر عبر مواقع التواصل الناطقة بتلك اللغات، ثم نشرت له الجمعية الإسلامية في اليابان وعدد من المهتمين بالفكرة، وهو يأمل أن تأخذ صدى أوسع خلال الفترة القادمة.
العلم نور والجهل ظلام
مشاريع مستقبلية
ولم يقف طموح الخطاط الشاب عند هذا الحد، بل ما يزال يواصل جهوده في تطوير أنواع جديدة من الخطوط العربية مقتبسة من خطوط تقليدية أخرى، كالخط المسماري والآرامي والعبري والهندي كذلك.
وقد بدأ نشر بعض أعماله المشتقة من تلك الخطوط، ولأنه يأمل في نشر الثقافة العراقية من زاوية فنية -بحسب تعبيره- فقد بدأ في نشر أعمال له اقتبسها من الخط الآرامي القديم بفرعه المندائي، الذي يعمل على تطويعه ليكون مناسبًا للذائقة العربية المعاصرة، حيث أطلق نوعين من الخطوط الآرامية العربية الجديدة، أطلق عليهما "ناصوريا" و"دهبا"، يمكن إضافتهما للخطوط المستخدمة في الطباعة الحديثة.
بلادي وإن جارت عليّ عزيزة
ويأمل دخان في إقامة معارض خاصة بأعماله داخل العراق وخارجه، لكن ظروف الحجر الصحي جراء انتشار كورونا حالت دون ذلك، فبات يلجأ إلى إقامة معارض "افتراضية" على مواقع التواصل، وهي تحظى بالكثير من الاهتمام والمتابعة، بحسب قوله.
ويعمل الخطاط الشاب حاليا على مشروع قادم كذلك، يتمثل في لوحة كبيرة تضم جميع الخطوط المستخدمة في لغات العالم، وهو مشروع سيأخذ منه الكثير من الوقت والجهد، لكنه يأمل أن يرى النور خلال الأشهر القادمة.