اصطدام كويكب بالأرض ليس سيناريو تريد أي دولة أن تكون فيه، إذ إن إفراغ مناطق حضرية كبيرة سيكون مهمة شاقة.
في حالة اكتشاف العلماء كويكبا آتيا نحونا على بعد أشهر قليلة فإن تفجيره إلى أشلاء لن يكون فكرة مستبعدة (غيتي)
قال خبير الدفاع الكويكبي في وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" لمجلة "نيوزويك" (Newsweek) الأميركية إنه في حالة اكتشاف العلماء كويكبا آتيا نحونا على بعد أشهر قليلة، فإن تفجيره إلى أشلاء لن يكون فكرة مستبعدة.
وقال الكاتب إد براون، في تقريره الذي نشرته مجلة نيوزويك، إن هذا السيناريو لم يتحقق إلا في عالم الخيال العلمي حتى الآن، لكن تأثيرات الكويكبات المنذرة بالخطر أمر يأخذه العلماء على محمل الجد في العالم الحقيقي.
تأثيرات الكويكبات المنذرة بالخطر أمر يأخذه العلماء على محمل الجد في العالم الحقيقي (غيتي)
محاكاة سيناريو متخيل
وهذا الأسبوع قاد مركز دراسات الأجسام القريبة من الأرض التابع لوكالة ناسا -المعروف اختصارا باسم (CNEOS)- سيناريو خياليا، إذ كلّف المندوبين في مؤتمر الدفاع الكوكبي السابع التابع للأكاديمية الدولية للملاحة الجوية -المعروفة اختصارا باسم (IAA)- بالاستجابة لكويكب وهمي من المقرر أن يضرب الأرض.
ويتصور السيناريو أن العلماء اكتشفوا أن الكويكب المسمى "2021 بي دي سي" سيصطدم بكوكبنا في غضون 6 أشهر فقط، وذلك يعني أن إبعاده بعيدا عنا أمر غير وارد. إذا كان هذا واقعا، فإن العلماء سيفكرون بجدّية في إطلاق قنبلة نووية عليه، وذلك وفقا لما قاله ليندلي جونسون ضابط الدفاع الكوكبي في وكالة ناسا، لكنه لن يكون خيارا مثاليا.
وقال جونسون لمجلة نيوزويك "أسمي هذا (حلًّا على طريقة هوليود)، إنه ليس بعيد المنال تماما. في الواقع، كانت هناك بعض العروض والمناقشات في المؤتمر على غرار: هل من الممكن استخدام الأسلحة النووية لتفكيك الكويكب إلى أجزاء صغيرة بما يكفي ليتولى غلاف الأرض الجوي أمرها؟".
وأضاف جونسون "هذا الحل ليس غريبا تماما لكنه سيناريو نريد أن نتجنبه. أولا وقبل كل شيء، إن قيود الوقت تضع ضغوطا على مسألة التثبت من أن كل شيء يعمل أساسا. وبطبيعة الحال الشيء الآخر هو أن نشر الأجهزة النووية في الفضاء واستخدامها أمر مقيد بشدة بموجب المعاهدات الدولية".
مركز دراسات الأجسام القريبة من الأرض متخصص في الرصد المبكر للكويكبات (غيتي)
سيناريو الرصد المبكر
وبدلا من ذلك، يشدد جونسون على أهمية الرصد المبكر للكويكب، وهو أمر تتخصص فيه مجموعات مثل مركز دراسات الأجسام القريبة من الأرض. وهناك أيضا شبكة دولية للتحذير من الكويكبات يقول جونسون إن لديها موقّعين من عشرات الدول في العالم.
وذكر الكاتب أن جزءا من هدف السيناريو الذي نوقش في مؤتمر العام الحالي هو الإسهام في إطلاع الناس على أهمية الرصد المبكر. وقال جونسون إن "من المحتمل أن يكون اصطدام كويكب بالأرض أحد الكوارث الطبيعية القليلة التي يمكن منعها، إذا ما اكتشفنا ذلك في وقت مبكر وكانت لدينا فرصة لفعل شيء بشأنه".
مضيفا "هذه المرة، كان هذا التمرين مختلفا بعض الشيء، إذ إننا أردنا إشراك مجتمع الاستجابة لحالات الطوارئ لإدارة الكوارث أكثر. لذا يتعين علينا التفكير جدّيا في الاضطرار إلى التعرض للضربة على الأرض، وإعداد أفراد الاستجابة لحالات الطوارئ في إدارة الكوارث بما قد يتوقعونه من آثار وضرر محتمل".
وعادة يكون الكشف عن الكويكب باستخدام التلسكوبات البصرية لأنها تميل إلى عكس الضوء من الشمس. وتستطيع التلسكوبات اكتشاف الكويكبات على مسافات أكبر بكثير مما تستطيع أنظمة الرادار القيام به. ولكن في الوقت نفسه، يعدّ عمل التلسكوبات البصرية مقيدا بدورة الليل والنهار والطقس وحتى التلوث الضوئي من القمر.
ويعدّ وضع التلسكوبات البصرية في الفضاء أحد الوسائل للتغلب على هذه العقبة لكن الأمر ليس بسيطا، مثل إلقاء نظرة باستخدام مرصد هابل الفضائي الذي يتمتع بمجال رؤية ضيق جدا.
التلسكوب الذي نحتاج إليه للرصد المبكر للكويكبات ينبغي أن يكون ذا مجال رؤية واسع (غيتي)
مشروعات مستقبلية
في هذا الصدد، قال جونسون إن "نوع التلسكوب الذي نحتاج إليه لهذا العمل ينبغي أن يكون ذا مجال رؤية واسع جدا، حتى يتمكن من تغطية السماء بسرعة أكبر بكثير. ما نريد بناءه هو مشروع لا يزال قيد الصياغة الآن، يطلق عليه اسم (مراقب الأجسام القريبة من الأرض) وهو مصمم خصيصا لهذه المهمة المتمثلة في اكتشاف الكويكبات البعيدة عن الأرض لتعقبها".
في الوقت نفسه، تعمل ناسا أيضا على اختبار إعادة توجيه الكويكب المزدوج، المقرر إطلاقه في أواخر 2021 أو 2022، وباستهداف نظام كويكب "ديديموس" المزدوج، سيكون الأمر بمنزلة عرض للتكنولوجيا تأمل وكالة ناسا أن تكون قادرة بها على دفع الكويكب بعيدا إذا بدا أن احتمال اصطدامه بالأرض وارد.
وأوضح جونسون أن اصطدام كويكب بالأرض ليس سيناريو تريد أي دولة أن تكون فيه، مشيرا إلى أن إفراغ مناطق حضرية كبيرة سيكون "مهمة شاقة". وأضاف "أعتقد أن التفكير في الاستجابة لهذا السيناريو سيكون صعبا على أي دولة، أي العجز عن تغيير اتجاه الكويكب في الفضاء والاضطرار إلى تحمل الضربة".