لماذا توجد بعض الأسماك من ذوات الدم الحار؟ دراسة حديثة تجيب
من المحتمل أن تمنح سرعات السباحة الأسرع للأسماك ذوات الدم الحار مزايا تنافسية عندما يتعلق الأمر بأشياء مثل الافتراس والهجرة
الأسماك ذوات الدم الحار يمكنها السباحة بشكل أسرع (غيتي)
في دراسة نشرتها مجلة علم البيئة الوظيفي (Functional Ecology)، في عددها الصادر يوم 30 يونيو/حزيران الماضي، توصل الباحثون في كلية ترينيتي للعلوم الطبيعية دبلن (Trinity College Dublin’s School of Natural Sciences)، للإجابة عن سؤال: لماذا توجد بعض الأسماك من ذوات الدم الحار في حين أن معظمها ليس كذلك؟ وهو سؤال ظل بمثابة لغز حتى وقت قريب.
واتضح من الدراسة أنه في حين أن الأسماك ذوات الدم الحار القادرة على تنظيم درجات حرارة أجسامها يمكنها السباحة بشكل أسرع، فإنها لا تعيش في المياه التي تمتد على نطاق أوسع من درجات الحرارة.
وتوفر الدراسة بعض الأدلة المباشرة الأولى على الميزة التطورية لكون تلك الأسماك من ذوات الدم الحار، وكذلك تؤكد على أن تلك الأنواع -مثل القرش الأبيض وسمك التونة ذات الزعانف الزرقاء السريعة- من المحتمل أن تكون عرضة للآثار السلبية للتغير العالمي في درجات حرارة المحيط كأقربائها من ذوات الدم البارد.
بعض الأسماك طورت القدرة على تدفئة أجزاء من أجسامها حتى تظل أكثر دفئا من الماء المحيط (غيتي)
أول دراسة لذوات الدم الحار
حتى وقت قريب كانت الأسماك تُعرف بأنها من ذوات الدم البارد، ولم تدرس الأسماك من ذوات الدم الحار، إلا عندما قام فريق من مركز الجنوب الغربي لعلوم المصايد بدراسة سمكة "أوباه" (opah) أو سمكة القمر، في مياه المحيط الأطلسي، بالقرب من سواحل كاليفورنيا.
نشرت نتائج دراسة العلماء حينها في دورية ساينس في 15 مايو/أيار من عام 2015، وهو ما فتح الطريق لدراسة الأسماك من ذوات الدم الحار، وكشفت الدراسة أن سمكة (أوباه) تتميز بتركيب فريد يحول دون أن تفقد الحرارة لتتسرب إلى البيئة المحيطة بها.
وتقوم بتوزيع الدم الحار في جميع أنحاء جسمها، من خلال إحداث ضربات سريعة متلاحقة للزعانف الصدرية الشبيهة بالأجنحة لتزيد درجة حرارة العضلات بواقع 4 إلى 5 درجات مئوية في المتوسط على درجة حرارة المياه المحيطة بها.
أول دراسة لذوات الدم الحار تمت على سمكة أوباه عام 2015 (غيتي)
تجارب لحل اللغز
فتحت دراسة ساينس الطريق لمزيد من الأبحاث للكشف عن القدرات والميزات التي تتسم بها هذه الأسماك، والتي تكسبها هذه الخاصية.
وفي هذا الصدد تقول لوسي هاردينغ طالبة الدكتوراه في كلية ترينيتي، والمؤلفة الرئيسية للبحث في البيان الصحفي للكلية "عرف العلماء منذ زمن طويل أنه ليست كل الأسماك من ذوات الدم البارد".
وأضافت أن بعض الأسماك طوّرت القدرة على تدفئة أجزاء من أجسامها حتى تظل أكثر دفئا من الماء المحيط بها، لكن لم يتضح بعد ما المزايا التي توفرها هذه القدرة.
ولمعرفة أسباب ذلك، وبحسب بيان كلية ترينيتي، فقد قام الباحثون في دراستهم بإجراء تجاربهم على الأسماك من خلال ربط بعض الأجهزة بزعانف الأسماك التي تم اصطيادها، حيث تمكنوا من جمع المعلومات مثل درجات حرارة المياه التي تواجهها الأسماك في موائلها، والسرعة التي تسبح بها الأسماك معظم اليوم في أعماق المياه.
الأسماك ذوات الدم الحار لا تستطيع العيش في نطاقات درجات حرارة واسعة (غيتي)
نتائج الدراسة
وأظهرت نتائج التجارب التي أجراها الباحثون أن الأسماك ذوات الدم الحار تستطيع السباحة بمعدل أسرع 1.6 مرة من أقربائها من ذوات الدم البارد، لكنها لا تستطيع العيش في نطاقات درجات حرارة واسعة.
وتعليقا على السرعة التي تتميز بها الأسماك ذوات الدم الحار، قال نيك باين، الأستاذ المساعد في علم الحيوان في كلية ترينيتي، "من المحتمل أن تمنح سرعات السباحة الأسرع للأسماك ذوات الدم الحار مزايا تنافسية عندما يتعلق الأمر بأشياء مثل الافتراس والهجرة".