يا جوهراً مــــــن ركــازِ الخلقِ والشّيم
يا بحرَ جودٍ مـــــــــن الأفضالِ والكرمِ
قد كنت فـــــــي قممِ الأخلاق مرتكَزاً
عقداً فريدا مـــــــــــن الآداب والحِكَمِ
يا مـــــــــــــــن له شهدِ الأقوام قاطبةً
بالفضل والخلق والإحســــــان والقيمِ
"رزقت أسمحَ ما في الناس من خلقٍ"
بقلبكِ السمْـــــحِ تروي ظامىءَ الأكمِ
خلا فؤادك مــــــــن ضغنِ ومـن إحنِ
وليس فيــــــــه من الأحقـاد والسّدمِ
معلماً كنــــــــــــــت للأجيالَ مفخرةً
شمساً مـــن العلمِ تجلو حالكَ الظلمِ
فأصبحوا فيـــــــــك نورا لا مثيل له
يشعُّ فــــــــــــي أفقِ الأقوامِ والأممِ
تقلب الدهر فـــــــــي أحواله فسرتْ
بكَ الحياة إلـــــــــــى الأدواء والألمِ
وصرت فـــــي علل الأسقام ذا وهنِ
فنازعتك منـــــــــــايا الروح بالسقمِ
غُسِلْتَ من أطيبِ الأيدي وقد غسلوا
جسما مــــــن الورد بالأعطار والشبمِ
لفّتْــك أرديةٌ بيضــــــــــــــــاء ناصعةٌ
وحولكَ الناس تذري صيّــــــبَ الديمِ
وضعت فـي النعش محمولاً على كتفِ
والناس قــــــد حملوا طوداً من الهِمَمِ
والتفَّ حولك صَحــبٌ قد بكوا شجناً
كالجند تلتفُّ حول القــــــــــــائد العلمِ
صلى عليكَ رجالٌ ما لهم عــــــــــــددٌ
يشاهــــــــدون اندفانَ المجدِ والذّممِ
وصـرتَ تحت الثرى كالسيف منغمداً
وكنت فيــــــــــــنا حساماً غيرَ منثلمِ
ما كنت أحزن والمخــــــــــتار سيدنا
تحتَ الثرى وهْوَ خير العربِ والعجمِ
أبا فراسٍ أبا الاشبال يا أسدا
لقد رثاك قريضي والتظى قلمي
هذا رثاءٌ ودمعُ العـــــــــــــين يسبقه
دمعٌ جرى ذارفاً مــن مهجتي ودمي
المقداد الحسن