هو ثابت بن قره و كنيته أبو الحسن، ولد فى حران سنة 221 هــ ( 835 م )، وكان يمتهن الصيرفة و يعتنق مذهب الصابئة. و يرو أن خلافاً نشب بينه و بين أبناء ملته من جراء آراء قال بها و أنكروها عليه، مما حمل رئيسهم على تحريم دخول الهيكل عليه. فنزح من حران إلى بلدة كفرتوما حيث ألتى محمد بن موسى الخوارزمى الرياضى المشهور الذى أعجب بذكاء أبن قره المتوقد وعلمه الواسع. فأصطحبه إلى بغداد و قدمه إلى الخليفة المعتصم الذى جعله فى عداد منجمىى البلاط. وكان المعتصم يعطف على ذوى المواهب فأقطع ثابتاً، كما أقطع سواه من ذوى النبوغ، ضياعاً كثيرة. وورد فى أخبار الرواة أنه بينما كان ثابت بتمشى و المعتصم فى حديقة
" الفردوس" قرب القصر، أتكأ الخليفة على يد ثابت، ثم أنتزع يده فجأة فخاف ثابت من فعلة المعتصم الذى قال له : " يا أبا الحسن، سهوت ووضعت يدى على يدك، وليس هكذا يجب أن يكون، فأن العلماء يعلون و لا يعلون ". وقد توفى ثابت ف بغداد سنة 288 هــ ( 900 م ).
كان ثابت بن قره يحب العلم لا طمعاً فى كسب و لا سعياً وراء شهرة تعليه، إنما أحبه لأنه رأى فى المعرفة مصدر سعادة كانت نفسه تتوق إليها. ولما كانت المعرفة غير محصورة فى حقل معين من النشاط الإنسانى، فإن ثابت دفعه فضوله إلى أردتيادها كلها مصلحاً ما فيها من أعوجاج و مضيفاً إلى تراث القدامى ثمار عبقريته الخلاقة. و أكثر مؤلفات ابن قره نعثر عليها فى كتاب " عيون الأنباء فى طبقات الأطباء "، ومنها : كتاب المدخل إلى علم العدد، كتاب فى العمل بالكرة، كتاب فى المسائل الهندسية، كتاب فى الهيئة، كتاب فى علة الكسوف، كتاب فى المثلث القائم الزاوية، كتاب المدخل إلى المنطق، كتاب فى طبائع الكواكب و تأثيراتها، كتاب فى الأنواء، كتاب فى مختصر علم النجوم، كتاب فى أوجاع الكلى و المثانى، رسالة فى أعتقاد الصابئين، كتاب فى الموسيقى.
و يمكن التعرف إلى أهم إنجازات ثابن بن قره من خلال ما تركه من مؤلفات. فهو قد مهد لحساب التكامل و لحساب التفاضل. و يروى أبن أبى أصيبعة فى كتابه
" عيون الأنباء فى طبقات الأطباء ". و عمل ثابت بن قره فى المرصد الفلكى الذى شيده الخليفة المأمون فى بغداد عام 851م. ومن مراقباته الطويلة صاغ نظريته المعروفة بأسم " هزة الأعتدالين ".
ولم تقتصر عبقرية ثابت بن قره على العلوم الرياضية و علم الفلك، إنما تعدت ذلك إلى الطب. وقد روى ابن أبى أصيبعة مأثرة طبية لثابت تدل، إن صحت، على نباهة فريدة.