قال المسيح: "وأنا أقول لكم إصنعوا لكم أصدقاء بمال الظلم حتى إذا فنيتم يقبلونكم في المظال الأبدية" (لو 16: 9). فما معنى هذا الكلام ؟؟ هل الأموال التي نتحصل عليها عن طريق ظلم الغير أو بطرق غير مشروعة يمكن أن نصنع بها صدقات وصداقات وخير ؟ وهل يقبل الله مثل هذه التصرفات؟؟
بالقطع لا.. فالله لا يمكن أن يقبل مثل هذا المال أو الأعمال التي تأتي بواسطته مهما كانت حسنة.
فلم يقصد السيد المسيح بكلمة" مال الظلم" هنا في هذا المثال، المال الحرام الذي يقتنيه الإنسان عن طريق الظلم، ظلم نفسه أو غيره أو المال الذي يكون مصدره غير مشروع (على سبيل المثال شخص يتاجر بالمخدرات ثم يتصدق مما يكسبه على الفقراء، أو زانية تقدم عطاء للكنيسة مما تكسب) فمثل هذا المال لا يقبله الله بتاتًا. فالكتاب المقدس يقول:
"لا تدخل أجر زانية ولا ثمن كلب إلي بيت الرب إلهك عن نذر ما لأنهما كليهما رجس لدي الرب إلهك" سفر التثنية 23: 18).
فالله لا يقبل عمل الخير الذي يأتي عن طريق الشر.
إذن ما هو مال الظلم الذي الذي أوصانا الرب أن نصنع منه أصدقاء؟
مال الظلم ليس هو المال الذي نكسبه بطرق غير مشروعة، إنما هو المال الذي نقع في خطية الظلم إن استبقيناه معنا...
فمثلًا: أعطانا الله مالًا وأعطانا معه وصية بأن ندفع العشور، فالعشور ليست ملكنا لكنها ملك للرب (للكنيسة والفقراء) فإن لم ندفعها نكون قد ظلمنا مستحقيها وسلبناهم إياها باستبقائها معنا أو إنفاقها على أنفسنا ويقول الكتاب المقدّس:
"أيسلب الإنسان الله. فإنكم سلبتموني. فقلتم بم سلبناك؟ في العشور والتقدمة" (سفر ملاخي 3: 8).
هذه العشور التي لم ندفعها لأصحابها هي مال ظلم نحتفظ به معنا. أيضًا النذور إن لم نوفها والبكور إن لم نقدمها نكون قد ظلمنا الفقير واليتيم والأرملة فعندما يصرخون إلى الرب من شدة الحاجة يكون صراخهم بسبب ظلمنا لهم.
إذن معنى اصنعوا لكم أصدقاء بمال الظلم هو أن نعطي هذا المال للمحتاجين إليه لكي يسدوا به أعوازهم عندما يصلهم في موعده وبذلك يصيروا أصدقاء لنا بمعنى عندما يصلّون من أجلنا ويستمع الرب لصلاتهم ودعائهم يبارك لنا في مالنا.