عالم فلك أميركي يتنبأ بموعد ميلاد أول طفل في الفضاء
مع تمكن الإنسان من الإقامة الدائمة خارج الأرض، ستبقى هناك عوائق كثيرة أمام استدامة هذه الإقامة.
مشاريع فضائية عملاقة السنوات القادمة كبداية للإقامة الدائمة في الفضاء (بيكريل)
توقع عالم فلك أن يفضي السباق الحالي نحو الفضاء إلى إنشاء مستوطنات بشرية دائمة في الفضاء، وولادة أول طفل خارج الأرض خلال العقود القادمة. ووصف هذا الحدث بأنه سيكون عند وقوعه علامة فارقة في تاريخ البشرية. فمتى وأين سيحدث ذلك؟ وماذا يعني هذا الحدث الفريد في مسيرة غزو الانسان للفضاء؟
في مقال نشره مؤخرا على موقع "ذي كونفرسيشن" (The Conversation) كتب كريس إمبي أستاذ علم الفلك بجامعة أريزونا (University of Arizona) ومؤلف العديد من الكتب، حول مستقبل الانسان في الفضاء، أن ولادة أول طفل خارج الأرض سيكون حدثا هاما في حياة البشرية، وسيمثل "بداية حضارة متعددة الكواكب للجنس البشري".
الشركات الخاصة في سبيلها للهيمنة على نشاط الفضاء (فليكرز)
الشركات ومستقبل الفضاء
ورغم أن النشاط الفضائي اقتصر بدايات عصر الفضاء على الحكومات، فإن الشركات الخاصة أصبحت تهيمن منذ سنوات على هذه الصناعة. وهذه الشركات ستقود أهم محاولات الاستيطان البشري في الفضاء مستقبلا.
وتسعى شركات الفضاء الخاصة منذ سنوات إلى تطوير خدمات السياحة والترفيه خارج الأرض. فعلى سبيل المثال تهدف شركة "سبيس إكس" (SpaceX) لصاحبها إيلون ماسك إلى نقل 100 شخص في وقت واحد إلى القمر والمريخ. كما تعتزم "بلو أوريجينز" (Blue Origins) التي يمتلكها جيف بيزوس استيطان النظام الشمسي.
ورغم استمرار الحكومات في إطلاق الصواريخ نحو الفضاء، لكن الشركات الخاصة في طريقها إلى الهيمنة على النشاط الفضائي. وقد تجاوزت بالفعل، ومنذ عام 2016، الرحلات الفضائية الخاصة التي تقوم بها القطاع الحكومي في دول العالم مجتمعة.
ويعتقد المؤلف أن الخطوة التالية ستكون استيطان الإنسان الفضاء. ويراهن أن القمر، ولقربه منا، سيكون أول موطن للبشرية خارج الأرض موضحا أن "الرحلة إلى المريخ تستغرق حوالي ألف مرة الزمن اللازم للقيام برحلة إلى القمر".
المحطة الفضائية "غيتواي" التي تعتزم ناسا إنشاءها حول القمر (ناسا)
وأشار إمبي إلى أن الصين وروسيا تقومان بشكل مشترك ببناء منشأة في القطب الجنوبي للقمر ستكون جاهزة بين عامي 2036 و2045. وتريد ناسا من ناحيتها العودة إلى القمر عام 2024 وإنشاء مستوطنة أرتميس (Artemis) الدائمة.
وكجزء من المهمة، ستطلق محطة فضائية حول القمر أطلق عليها (Gateway) بالشراكة مع "سبيس إكس" وستكون الخطوة التالية إنشاء مستعمرة على سطح المريخ بحلول عام 2050.
صعوبات العيش الدائم بالفضاء
ولكي تكون الحضارة "مستقلة" عن الأرض، يقول إمبي، يحتاج السكان في الفضاء إلى النمو، وهذا يعني ولادة أطفال هناك. لكن العيش على القمر أو المريخ سيكون شاقا ومرهقا، لذلك من المحتمل أن يقضي السكان الأوائل بضع سنوات فقط هناك والعودة إلى الأرض كل مرة، ومن غير المرجح أن يبدؤوا بتكوين أسر هناك.
لكن، مع تمكن الإنسان من الإقامة الدائمة خارج الأرض، ستبقى هناك عوائق كثيرة أمام استدامة هذه الإقامة.
أولها العدد القليل من الأبحاث التي تم إجراؤها حول بيولوجيا الحمل والصحة الإنجابية في الفضاء أو بيئة منخفضة الجاذبية مثل القمر أو المريخ، ومن المحتمل أن تكون هناك مخاطر غير متوقعة على الجنين أو الأم.
وثانيها أن الأطفال يولدون ضعفاء، وتربيتهم ليس بالأمر السهل. ويجب أن تكون البنية التحتية لهذه القواعد متطورة لجعل نسخة ما من الحياة الأسرية العادية ممكنة، وهي عملية ستستغرق عقودا، وفق إمبي.
ولادة أول طفل بالفضاء ستكون حوالي عام 2040 (بيكسابي)
أطفال الفضاء.. متى؟
ومع وضع هذه الشكوك في الاعتبار، من المرجح أن يولد الطفل الأول خارج الأرض في الفضاء القريب.
ولهذا الغرض، تسعى شركة هولندية ناشئة تدعى "سبيس لايف أوريجين" (SpaceLife Origin) لإرسال امرأة حامل إلى الفضاء على ارتفاع 400 كيلومتر للولادة هناك. لكن العقبات القانونية والطبية والأخلاقية هائلة.
وتخطط شركة أوربيتال أسمبلي كوربوريشن (Orbital Assembly Corporation) لفتح فندق فخم في المدار عام 2027 يسمى محطة "فويجر" (Voyager) يستوعب 280 ضيفا و112 من أفراد الطاقم، ويتخذ شكل عجلة الغزل لتوفير الجاذبية الاصطناعية.ويعتقد إمبي أنه بحلول عام 2040، سيولد طفل فريد في الفضاء، قد يحمل جنسية والديه، أو قد يولد في منشأة تديرها شركة وينتهي به الأمر دون جنسية "لكني أفضل التفكير في هذا الشخص المستقبلي كأول مواطن حقيقي في المجرة".