بعد ان تم طردي من الجامعة بسبب عدم إطاعتي للأوامر الحزبيّة بقتل الابرياء، وجدّتُ نفسي في الشارع ، لا اعرف كيف سأعيل أسرتي ،زوجتي واطفالي الثلاثة ، لحسن الحظ انني كنت أملك شقة سكنية في بغداد ، لم يبق سوى ان اجد مصدر رزق ، انا الذي لم اتعلم مهنة ما بل كان اعتمادي الكلّي على التدريس والقاء المحاضرات العلميّة ، ها انا اليوم اهيم على وجهي ذارعاً الشوارع بدون هدف ، كل ما كان معي من النقود كان يكفي لمعيشة يوم واحد فقط .
مشيت في منطقة ساحة التحرير، الباب الشرقي وكان المكان مكتظّاً بالمارّة والباعة المتجوّلين، الحزن يعصرني ... ساقتني قدماي بمحاذاة شارع الجمهوريّة لا ألوي على شيء الى ان وصلت سوق الفواكة والخضراوات ، لمحت رجلاً يبيع موز صومالي ،
قلت لنفسي: بدلاً من أرجع الى البيت خالي الوفاض، سأشتري لاطفالي كمية من الموز.
مددت يدي في جيبي ، حسبت نقودي وكانت تكفي لشراء كيلو واحد من الموز. اشتريت الموز وطفقت عائداً الى الباب الشرقي كي استقلَّ الحافلة ،
ما ان وصلت هناك حتى سألني احد المارّة: هل هذا الموز للبيع؟
تفاجأت من السؤال، غير إني اجبته وكلي ثقة : نعم، كم موزة تريد؟
بدأ عقلي يحسب سعر التكلفة وبكم يجب ان ابيع... وبالفعل.. اشترى ثلاث موزات من أصل ستة وبعد اقل من دقيقة بعت البقيّة ، حسبت النقود وكانت تكفي لشراء كيلوين موز، وبالفعل رجعت مسرعاً واشتريت كيلوين، وبعتهم خلال دقائق، اعجبتني العملية وكررتها اكثر من عشر مرّات في ذلك اليوم، وعند العصر عدت الى البيت محمّلاً باللحم والخبز وطبقة بيض وكيلوين موز وجيبي عامر بالنقود.
سبحان الله الحنّان المنّان كثير العطف واسع العطاء.