فريق دولي من 34 مؤسسة بحثية يضم مغاربة عكف 11 عاما على دراسة نظام نجمي شاب يبعد 400 سنة ضوئية
العلماء استعانوا ببيانات تلسكوب الفضاء "تي إي إس إس" التابع لناسا لدراسة نظام الجديد (ناسا)
تمكن فريق بحث دولي من علماء الفلك من اكتشاف 3 كواكب خارجية، تدور حول نجم يبعد عنا نحو 400 سنة ضوئية، باستعمال التلسكوبات الفضائية التابعة لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، وتم الإعلان عن الاكتشاف من قبل الوكالة في 12 فبراير/شباط الجاري 2021.
ووفق الدراسة العلمية التي نشرت في المجلة العلمية "ذا أسترونوميكال جورنال" (The Astronomical Journal) في 14 يناير/كانون الثاني الماضي؛ فإن هذه الكواكب المكتشفة ساخنة، وتوجد في مدارات قريبة حول نجم شاب يشبه الشمس، ويبلغ مدار الكوكب الداخلي 1.9 يوم، كما يبلغ حجمه نحو 1.9 مرة حجم الأرض، وتتراوح كتلته المقدرة بين 2 و12 ضعف حجم الأرض.
ويدور الكوكب الثاني كل 9.2 أيام، ويبلغ حجمه نحو 3 أضعاف حجم الأرض، وبين 3 و16 ضعف كتلة الأرض. أما أبعد وأكبر كوكب في المجموعة فيدور حول النجم كل 16 يوما، ويبلغ حجمه 4 أضعاف حجم كوكبنا، ويزن ما بين 4 و19 ضعف كتلة الأرض.
وقال مدير مرصد أوكايمدن زهير بن خلدون المشارك في الاكتشاف في تصريح للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني؛ إن "هذا الاكتشاف الجديد يضم 3 عوالم ساخنة أكبر بقليل من الأرض تدور حول نجم أصغر بكثير من شمسنا يسمى "تي أو آي 45" (TOI 45)، ويوجد النظام في برج الحوت المكتشف مؤخرا (Eridanus Current)، وهو عبارة عن مجموعة من النجوم عمرها أقل من 3% من عمر نظامنا الشمسي، وتمتد على أكثر من ثلث السماء.
النظام المكتشف يوجد في برج الحوت وهو عبارة عن مجموعة من النجوم عمرها أقل من 3% من عمر نظامنا الشمسي (ناسا)
3 كواكب جديدة
وحسب البيان الصحفي الذي أصدرته وكالة ناسا، وأصدره مرصد أوكايمدن المشارك في الاكتشاف؛ فإن هذا النظام الشمسي يتميز بوجود 3 كواكب وحزام للكويكبات، بالإضافة إلى نجمين آخرين يدوران حول النجم الأم، وتحمل اسم "تي أو آي 451" (TOI 451)، ويتراوح حجم هذه الكواكب بين حجمي كوكب الأرض ونبتون.
وأوضح ابن خلدون أن "هذا النظام الواعد يبلغ عمره 120 مليون سنة فقط، ويبعد 400 سنة ضوئية فقط، مما يسمح بمراقبة تفصيلية لهذا النظام الشاب، ونظرا لوجود 3 كواكب يتراوح حجمها بين ضعفين و4 أضعاف حجم الأرض، فهي أهداف واعدة بشكل خاص لاختبار النظريات حول كيفية تطور الغلاف الجوي للكواكب".
ويضيف البيان الصادر من قبل الباحثين المشاركين في الدراسة بمرصد أوكايمدن أن هذه الكواكب المكتشفة توفر فرصة مهمة للباحثين لدراستها، حيث ما زالت في مراحلها الأولى من التطور، مما يساعد العلماء على فهم تكون وتطور مجموعتنا الشمسية.
كما أكد البيان أن هذه الكواكب ستوفر فرصة للباحثين لدراسة غلافها الجوي نظرا لتقارب حجمها مع حجم كوكب الأرض، حيث يمكن اختبار نظريات كيفية تطور الغلاف الجوي للكواكب الخارجية بصفة عامة.
هذا الرسم يوضح الخصائص الرئيسية لنظام كوكبي ثلاثي يقع على بعد 400 سنة ضوئية في كوكبة برج الحوت
فريق بحث دولي
شارك في إنجاز هذه الدراسة فريق بحث دولي من علماء الفلك ينتمون إلى 34 مؤسسة بحثية مرموقة، من بينهم مغربيان، وهما مدير مرصد أوكايمدن الدكتور زهير بن خلدون، وطالب الدكتوراه عبد الرحمن السوبكيو من مختبر فيزياء الطاقات العليا والفيزياء الفلكية بكلية العلوم التابعة لجامعة القاضي عياض بمراكش.
واشتغل فريق البحث تحت قيادة الباحثة إليزابيث نيوتن، الأستاذة المساعدة للفيزياء وعلم الفلك في "كلية دارتموث في هانوفر، نيو هامبشاير" (Dartmouth College in Hanover, New Hampshire). وعلى مدى السنوات الماضية منذ سنة 2009 قام فريق البحث الدولي بتجميع المعطيات الرصدية حول هذا النظام الشمسي باستخدام مجموعة من التلسكوبات الفضائية والأرضية الموجودة في عدة أماكن حول العالم.
وحول نتائج الدراسة، يقول زهير بن خلدون إن قياسات "تي إي إس إس" (TESS) أعطت القمر الصناعي التابع لناسا دليلا دامغا على وجود بقع في النجوم، وأفرزت كذلك الدوران السريع بين النجوم في تيار برج الحوت، وبناء على هذه النتيجة تم استنتاج أن التدفق كان عمره 120 مليون عام فقط، مثل مجموعة الثريا (Pleiades) الشهيرة.
وهذه النتيجة الجديدة أصغر 8 مرات من التقديرات السابقة، والكتلة والعمر والقرب من تيار برج الحوت تجعله مختبرا أساسيا مثيرا لدراسة تكوين وتطور النجوم والكواكب.
ويختم زهير بن خلدون حديثه بخصوص مستقبل البحث في هذا الاكتشاف قائلا إن "أي اكتشاف جديد يتحدانا بشأن ما تبقى من الأسئلة العالقة، ومن الواضح أن التقدم الكبير جدا المتوقع من تحقيق مشاريع التلسكوبات الكبيرة جدا (الأميركي الذي يبلغ قطره 30 مترا، والأوروبي الذي يبلغ قطره 40 مترا، بالإضافة إلى تلسكوب جيمس ويب الفضائي) ستتيح لنا تحقيق المزيد من الاكتشافات المثيرة.