النصب التذكاري للأديب والروائي والشاعر الأسكتلندي والتر سكوت (1771-1832) في وسط مدينة أدنبره التي ولد فيها (غيتي)
عندما تتجول في أدنبره، ستجد في كل مكان لمحات تذكرك بالروائي الأكثر شهرة في تاريخ أسكتلندا، والتر سكوت، بدءا من أسماء أبطال رواياته على واجهات مطاعم المدينة، إلى عكازه ونعاله المعروضة في "متحف الكتاب"، وفي حدائق شارع الأمراء حيث يقف نصبه التذكاري، وصولا إلى مقتطفات أعماله التي تزين ممرات محطة قطار "ويفرلي"، وهو اسم روايته الأولى والأكثر شهرة التي توصف أحيانا بأنها أول رواية تاريخية في الأدب الغربي.
ففي تقرير نشره موقع "ذا كونفرسيشن" الأسترالي، يقول الكاتب دانيال كوك إن النصب التذكاري للروائي والكاتب المسرحي والشاعر سكوت بني عام 1840، بعد 8 أعوام من وفاته عن عمر ناهز 61 عاما، وهو يجسّد الاحترام الكبير الذي يكنّه الأستكلنديون لكاتبهم صاحب الشهرة العالمية.
أدب أسكتلندا
قدمت روايات سكوت التاريخية التي يزخر سياقها الدرامي بوصف الجبال الموحشة والبحيرات المظلمة والوديان المورقة صورة عن أسكتلندا للعالم، واستحوذت على إعجاب القرّاء في كل مكان، حتى إن روايته "روب روي" التي نشرت أول مرة عام 1817 ما زالت تطبع إلى اليوم، وتحوّلت بعض أعماله إلى أفلام سينمائية.
مازحته منافسته الروائية الإنجليزية جين أوستن (1775-1817) ذات مرة قائلة إن سكوت عاش عمرين في رحلته الأدبية، وليس عمرا واحدا.
وذاع صيته عام 1805 وأصبح أشهر شاعر في أوروبا بعد أن أصدر قصيدته النثرية الأولى "وضع المنشد الأخير" التي تروي قصة عاشقين يفرق بينهما نزاع عنيف.
وفي عام 1810 نشر سكوت قصته الشعرية "سيدة البحيرة" التي تجسّد صراع ملك أسكتلندا جيمس الخامس مع عشيرة دوغلاس. وحسب الكاتب، يمكن لهذه وحدها أن تلخّص إرث سكوت الأدبي ومدى تأثيره، فقد بيعت منها 25 ألف نسخة في أول 8 أشهر، محطمة الأرقام القياسية لمبيعات الكتب، وجذبت انتباه السياح الأجانب لبحيرة لوخ كاترين وحديقة تروساكس في أسكتلندا.
روايات من العيار الثقيل
كتب سكوت الأغاني والقصائد في بداية حياته، وبعد نجاحه الباهر في عالم الشعر تحول إلى كتابة الروايات في الأربعينيات من عمره. وعلى امتداد نحو 20 عاما ألّف سلسلة من الروايات التي لاقت نجاحا كبيرا، وما زالت تنشر في جميع أنحاء العالم إلى اليوم.
ركّز سكوت على الموضوعات التاريخية، ليس فقط في ما يتعلق بأسكتلندا، ولكنه تحدث أيضا عن تاريخ إنجلترا وفرنسا وسوريا وأماكن أخرى، ولا سيما أحداث القرن الـ11.
وحسب الكاتب، لم يسبق لأي روائي قبل سكوت أن كرّس كل تلك المساحة لشخصيات وتاريخ أسكتلندا، ولا حتى مواطنه روائي وشاعر القرن الـ18 توبياس سموليت.
ولكن رواياته ما عادت تلقى رواجا كبيرا في هذه الأيام -يقول الكاتب- ويعزى ذلك جزئيا إلى طولها. ولعل أفضلها على الإطلاق رواية "ويفرلي" التي يسلط فيها سكوت الضوء على انتفاضة اليعاقبة عام 1745، التي كانت ترمي إلى إرجاع الملك الكاثوليكي المخلوع جيمس الثاني، وقد فتحت المجال للتحليلات السياسية بقدر ما نوقشت من منظور أدبي.
روايات سكوت القصيرة
ومن حسن حظ القارئ لم يكتب سكوت الروايات الطويلة فحسب، بل كان بارعا أيضا في كتابة القصص القصيرة، إذ كتب نحو 17 رواية قصيرة، ولكنها لم تلق رواجا كبيرا واهتماما من القرّاء والنقاد الذين أعطوا الأولوية لرواياته الطويلة.
ففي الغالب، تنتهي الرواية الطويلة نهاية واضحة وسعيدة، على عكس نهايات القصص القصيرة التي تكون مفتوحة وغامضة.
ورغم أن سكوت لا ينظر إليه اليوم كأحد أعلام القصة القصيرة، فإنه ترك كثيرا من القصص الجديرة بالاهتمام، منها مجموعة "سجلات كانونجيت" التي صدرت عام 1827. وأما القارئ الحديث، فقد يكتشف الكثير من القتامة في قصص سكوت القصيرة، ولكنها تبقى إرثا أدبيا يستحق أن تطّلع عليه إذا كنت من عشاق القصة القصيرة.