حَدَّثَنِي أبُو شَنَبْ |
عَنْ شَيْبِهِ الَّذِي الْتَهَبْ |
فقالَ بالتّفصيلِ: |
بَحثتُ عنْ وَظيفةٍ أوْ حِرفةٍ لأشتغلْ |
والشَّيبُ مِنْ عَنائِهَا أمسَى لَهيبًا يَشتعلْ |
أَذْوَيْتُ أفنانِي على درسِ الضَّميِر الْمُتَّصِلْ |
حتّى غدوتُ بالكتابِ أَسْتَظِلْ |
لِلحَرْفِ و الدَّوَاةِ كنتُ أمتثلْ |
وباليراعِ حينَما يَجري على القرطاسِ |
كنتُ أبتهلْ |
قالتْ لِيَ الأيّامُ في أحكامِها: |
مُباركٌ يا وَلَدِي |
إِنَّكَ لا و لنْ تَضِلْ! |
*** |
يَا لَلْكَلَاِم الْمُكْتَمِلْ |
كَم بَثَّ فِيَّ مِنْ أَمَلْ! |
شَققتُ عامًا إِثْرَ عامٍ في عجلْ |
لِيُقْبِلَ اليومُ الْجَلَلْ |
وتَكْشِفَ الدُّنْيَا عَنِ الْوَجْهِ الْقَذِرْ |
ويُرْفَعَ السِّتَارُ عَنْ جَوٍّ عَكِرْ |
فِي دَوْلَةٍ شِعَارُهُا: |
لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ دَرَى وَ مَنْ جَهِلْ! |
*** |
أَلْفَيْتُنِي أهيُم في مَدينتِي بِلَا عَمَلْ |
تَطْعَنُنِي غَدْرًا خَناجرُ الْمَلَلْ |
أَطْرُقُ بَابًا تِلْوَ بَابٍ حاملاً شهادتِي |
لكنْ كأنِّي حاملٌ إبادتِي! |
فكَّلما أُدِيرَ مِزْلَاجٌ |
علَا صَوْتٌ لِجاهلٍ يُزعزعُ الْقُلَلْ: |
ما عندنا أيُّ عَمَلْ! |
أوْ سِكرتيرةٍ قليلةِ الْحَيَا |
تَطْرُدُنِي بِلا خَجَلْ، |
ومَا الْعَمَلْ |
إذْ حطَّنِي الدَّهْرُ الْقَصَا؟! |
*** |
قالَ: عَزَائِي أنّنِي |
رَقْمٌ جديدٌ مِنْ ضحَايَا الْمُجتَمعْ |
مَا أَبْلَغَتْنِي جَنَّةً دِراسَتِي |
فَأسْتريحَ مَرَّةً مِنَ الْوَجَعْ |
ولا سَعِيًرا يَحْتَوِي هذَا الْجَزَعْ |
مُعَلَّقٌ كَالشَّاةِ مِنْ عُرْقُوبِهَا |
مَا سُرَّ مَنْ في حَالتِي يومًا وَقَعْ |
أَبْلهُ مَنْ يَأمنُ في حَياتِه مَكْرَ الزَّمنْ |
أَبْلَهُ مَنْ يَعْتَقِدُ الدُّنْيَا تَجُودُ بِالْمِنَنْ |
فَلْتَسْمُطِي أيَّتُها الدُّنْيَا عَنِ الْأعذارِ في |
عَصْرِ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرْ |
وَ لْتَسْطَعِي أوْ تَغْرُبِي يَا شمسُ |
عمَّا في بلادِي مِنْ خَرَابٍ مُنْتَشِرْ |
يَئِسْتُ |
حَتَّى أَصْبَحَتْ أُمْنِيَّتِي في مَوْطِنٍ ثَانٍ |
جَمِيلٍ مُنْصِفٍ لَا يَنْدَثِرْ! |