مازال العرب مندهشين من العقلية الاميركية وقدرتها على قراءة ما يفكرون به ، هذه الدهشة جعلتهم عبيداً لها توجههم كيف تشاء ، حتى امريكا نفسها أصابها الغرور وهي ترى انقياد العرب وهم مبهورين وفي ظنهم انها اي اميركا تعلم الغيب و تستطيع ان تتلاعب بأقدارهم كيف تشاء ، حتى انسحب هذا الغرور على تعاملها مع آيات الله في ايران غير مدركة أنها تتعامل مع قيادة وشعب يتمتع بروح الكبرياء المكُتسب من أن الأمة الفارسية كانت الى زمن قريب إحدى اقطاب القوى العظمى التي تقود العالم، وهذا نتاج للعقلية الفذة والدهاء السياسي الذي كان ولازال يتمتع به الايراني ، مما جعل الحكومة الاسلامية تتقدم دائما بعدة خطوات على أميركا في ميدان الصراع السياسي حتى كانت تفاجئها في كثير من المواقف، ونتيجة للقراءة الايرانية الصحيحة
لميدان الصراع كانت تتجنب الفخاخ الأميركية في توريطها في خوض اشتباك مباشر مع أعراب الخليج الذين كانوا في حالة استنفار لمثل هذا الاشتباك. وبما ان الجمهورية الاسلامية تدرك جيداً أن الخليج ليس اولوية اميركية مثلما هي اسرائيل فهكذا نرى أن خنادق النار وخطوط التماس نقلتها حول حدود الكيان الغاصب وفي داخله وهذا ما اربك ويربك سياسة أميركا التي تعرف مآلات الخطوات المدروسة التي تخطوها إيران، وما القرارات التي اتخذتها إدارة بايدن يوم أمس في سحب العديد من منظومات الباتريوت وثاد من منطقة الشرق الأوسط في اشارة واضحة الى يأس البيت الأبيض من تحقيق الغلبة في استخدام القوة العسكرية ضد الجمهورية الإسلامية وهي رسالة تطمين ، لفتح صفحة جديدة يكون صوت لغة الحوار هو الغالب على قعقعة السلاح. لأن اميركا كذلك قرأت رسالة الشعب الايراني جيداً عندما صوت بأغلبية ساحقة بانتخاب اية الله ابراهيم رئيسي الذي جاء رداً على جريمة اغتيال الشهيد سليماني الذي كان في توقع الادارة الأميركية ان اغتياله سيضعف تيار المحافظين الذي يتصف بالتشدد في تعامله مع الأميركان الذين كان في ظنهم أن هذا سيعطي مجالاً أكبر لتيار الاصلاح الذي يميل الى اللين في سياسته مع اميركا وحلفائها ، ولكن يبدو ان الشعب الايراني بكافة فئاته الاجتماعية يعي مثلما تعي حكومته الخطوات الاميركية لذا جاء رده حاسما على جريمة الاغتيال في التصويت لرئيسي الذي قطعاً ستتغير كثير من معادلات المنطقة السياسية والعسكرية خلال ولايته ، وماالدعوة التي وجهها الى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي تحمل بين طياتها رسائل سياسية كثيرة ، وأن محور المقاومة سيعود أكثر نشاطاً وتأثيراً في المنطقة وأن الوجود الاميركي سيلاقي اياماً عصيبة في الفترة المقبلة.
كل هذا يأتي ضمن عوامل الاقتدار التي تتمتع بها قيادة مرشد الجمهورية الاسلامية ورجاله في ميادين السياسة والصناعة والاقتصاد والعلوم العسكرية ،
ليكون العالم امام نموذج إسلامي يضاهي في نجاحه على مستوى القيادة والادارة كل المنظومات التي حققت النجاح في ادارة بلدانها ، كذلك وعي الشعب الايراني المتحضر الذي لم تجرفه المغريات الغربية المادية والحسية التي أخضعت بها كل الشعوب العربية ، ليظهر بالمستوى الذي لا يقل وعياً وادراكاً عن حكومته ، ونتيجة لهذا الوعي تحطمت كل فصول المؤامرة من الحصار الاقتصادي الجائر والحرب النفسية والعسكرية ، لتظهر الامة الايرانية عظيمة تحاكي مجد وعظمة اسلافها .