صديق فعال
تاريخ التسجيل: June-2018
الجنس: ذكر
المشاركات: 770 المواضيع: 645
صوتيات:
42
سوالف عراقية:
0
آخر نشاط: 3/October/2024
تفسير ومعنى آية : ﴿رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل﴾
يزعم المخالفون أنّه لا وجود لإمامٍ يهتدى به بعد الرسول مُحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ! مستدلين بهذه الآية : ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ .
نجيبهم :-
بغض النظر عن تنصيب النبي مُحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) صهره وابن عمّه بل أخيه الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) "حُجَّةً" وخليفةً للناس في غدير خم وأنّه أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأنّه بمنزلة هارون من موسى ونزول آية الولاية والطهارة والتبليغ وذوي القربى وكذلك أنّ كل أُمّة تدعى بإمام زمانها ... إلّا أنَّ معنى الحُجَّة التي ذكرتها الآية 165 من سورة النساء : ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ ، تعني هذه الأمور : (دليل وبُرْهان ، رأيٌ مدعوم بالأَدِلَّة لإثبات صحَّته ، سببٌ للتَّخلُّص من واجِب ، عُذر) . فالله تعالى ارسل الرُّسل مبشرين ومنذرين حتى لا يكون للناس حُجَّة أو عُذر للتهرب من الواجبات الإلهية ، وحتى لا يحتجّون على الله تعالى يوم القيامة ، فقطع تعالى عُذرهم واعتذارهم بإرساله إليهم رسله .
والدليل على ذلك هذا :-
1- تفسير الطبري (جامع البيان) - الجزء (7) - الصفحة (592) :- الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ [النساء: 165] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ﴾ [النساء: 163] وَمَنْ ذَكَرَ مِنَ الرُّسُلِ ﴿رُسُلًا﴾ [النساء: 165] فَنَصَبَ بِهِ الرُّسُلَ عَلَى الْقَطْعِ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ ذَكَرَ أَسْمَاءَهُمْ ﴿مُبَشِّرِينَ﴾ [البقرة: 213] يَقُولُ: أَرْسَلْتُهُمْ رُسُلًا إِلَى خَلْقِي وَعِبَادِي مُبَشِّرِينَ بِثَوَابِي مَنْ أَطَاعَنِي وَاتَّبَعَ أَمْرِي وَصَدَّقَ رُسُلِي ﴿وَمُنْذِرِينَ﴾ [البقرة: 213] عِقَابِي مَنْ عَصَانِي وَخَالَفَ أَمْرِي وَكَذَّبَ رُسُلِي ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء: 165] يَقُولُ: أَرْسَلْتُ رُسُلِي إِلَى عِبَادِي مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ , لِئَلَّا يَحْتَجَّ مَنْ كَفَرَ بِي وَعَبَدَ الْأَنْدَادَ مِنْ دُونِي , أَوْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِي بِأَنْ يَقُولَ إِنْ أَرَدْتُ عِقَابَهُ: ﴿لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى﴾ [طه: 134] فَقَطَعَ حُجَّةَ كُلِّ مُبْطِلٍ أَلْحَدَ فِي تَوْحِيدِهِ وَخَالَفَ أَمْرَهُ بِجَمِيعِ مَعَانِي الْحُجَجِ الْقَاطِعَةِ عُذْرَهُ , إِعْذَارًا مِنْهُ بِذَلِكَ إِلَيْهِمْ , لِتَكُونَ لِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ , قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ , قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ , عَنِ السُّدِّيِّ: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء: 165] فَيَقُولُوا: مَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رُسُلَّا ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ [النساء: 158] يَقُولُ: وَلَمْ يَزَلِ اللَّهُ ذَا عِزَّةٍ فِي انْتِقَامِهِ مِمَّنِ انْتَقَمَ مِنْ خَلْقِهِ عَلَى كُفْرِهِ بِهِ وَمَعْصِيَتِهِ إِيَّاهُ بَعْدَ تَثْبِيتِهِ حُجَّتَهُ عَلَيْهِ بِرُسُلِهِ وَأَدِلَّتِهِ , حَكِيمًا فِي تَدْبِيرِهِ فِيهِمْ مَا دَبَّرَهُ .
2- تفسير الراغب الأصفهاني - الجزء (4) - الصفحة (232) :- قوله تعالى : ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ ، نبّه أن بعثة الأنبياء إلى الناس مما لا يستغنون عنه، لقصوركلهم عن إدراك جزئيات مصالحهم، وفضول أكثرهم عن كلياتهم وجزئياتها، وبعث الأنبياء مبشرين ومنذرين ليكون قد أزاح عللهم، لذا قال تعالى: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ . وقال تعالى : ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا﴾ . وقال تعالى : ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ . وقال تعالى : ﴿وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا﴾ .
3- الحجة في بيان المحجة لإسماعيل الأصبهاني - الجزء (1) - الصفحة (341) :- أَخْبَرَنَا أَبُو المظفر السَّمْعَانِيّ قَالَ: اعْلَم أَن مَذْهَب أهل السّنة أَن الْعقل لَا يُوجب شَيْئا عَلَى أحد، وَلَا يدْفع شَيْئا عَنهُ، وَلَا حَظّ لَهُ فِي تَحْلِيل أَو تَحْرِيم، وَلَا تَحْسِين وَلَا تقبيح، وَلَو لم يرد السّمع مَا وَجب عَلَى أحد شَيْء، وَلَا دخلُوا فِي ثَوَاب وَلَا عِقَاب، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى هَذَا بقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا﴾ . وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ للنَّاس على الله حجَّة بعد الرُّسُل﴾ ، وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حِكَايَة عَنِ الْمَلَائِكَة فِيمَا خاطبوا بِهِ أهل النَّار: ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يومكم هَذَا قَالُوا بلَى﴾ فَأَقَامَ الْحجَّة عَلَيْهِم ببعثة الرُّسُل فَلَو كَانَت الْحجَّة لَازِمَة بِنَفس الْعقل لم تكن بعثة الرُّسُل شرطا لوُجُوب الْعقُوبَة .