سفير السلام ..مراقب عام
مستشار قانوني
تاريخ التسجيل: April-2020
الدولة: العراق.. الديوانية
الجنس: ذكر
المشاركات: 25,268 المواضيع: 1,471
صوتيات:
2
سوالف عراقية:
4
مزاجي: مبتسم
المهنة: الحقوقي
أكلتي المفضلة: الباجه.. الكباب.. سمك مشوي
موبايلي: هواوي =Y9 مع ريل مي 51
آخر نشاط: منذ 6 دقيقة
المدرسة الفلسفية المثالية.. (مشاركتي بمسابقة مدارس الفلسفة)
تعد الفلسفة المثالية من أقدم الفلسفات في الثقافة الغربية والتي يمتد تأثيرها حتى عصرنا الحاضر، حيث يلاحظ أنها قد أثرت في كثيرٍ من النظم التربوية والتعليمية في العالم. وترجع نشأة الفلسفة المثالية إلى كتابات المفكر اليوناني أفلاطون الذي يعتبر أباً للمثالية (429-347ق.م) ثم “ما لبثت أن أصبحت خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر من أكثر الفلسفات انتشاراً وذيوعاً وربما يعود ذلك لكونها من أقرب الفلسفات للديانات السماوية.” (محمد، 2003م، ص: 70)
ولقد مثل الفكر المثالي واحداً من أهم الأصول العقدية الفلسفية للتربية واستقي منه عدد من التطبيقات التربوية التي لايزال العمل ببعضها قائما حتى عصرنا هذا.
والمثالية Idealism مأخوذة من المثال وتعني في اللغة الإغريقية الصورة أو الفكرة ويعرفها لالاند (lalande) في معجمه الفلسفي بأنها ” الاتجاه الفلسفي الذي يرجع كل وجود إلى الفكر بالمعنى الأعم لهذه الكلمة. وبمعنى آخر هي المذهب الذي يقول أن الأشياء الواقعية ليست شيئاً آخر غير أفكارنا نحن، وأنه ليس هناك حقيقة إلا ذواتنا المفكرة أما وجود الأشياء فقائم في أن تكون مدركة عن طريق هذه الذوات ولا حقيقة لها وراء ذلك” ( شبل وآخرون 2001م،ص223). ويتم ذلك عن طريق الحدس والإلهام وإن الحقائق التي تدرك بالعقول أكثر من الحقائق التي تدرك بالحواس، إنها رؤية شاملة للكون باستخدام العقل .(جعنيني 2004م,ص: 107)
وهناك من يرى أن “الفلسفة المثالية تعني بوجه عام الاتجاه الذي يرجع الوجود إلى الفكر، أي أن الواقع الطبيعي الذي نعيشه ويحيط بنا هو روحي في أساسه. فالواقع الطبيعي ليس له وجود مطلق وإنما هو ظواهر لواقع روحي، وبالتالي فالمظهر الخارجي للإنسان ليس حقيقته إنما الروح هو حقيقته وجوهره أي أن الروح أو العقل هو العالم الحقيقي أما الأشياء في العالم الطبيعي إذا كانت أشباح أو ظلال لعالم المثل فإن هذه الأشياء لا وجود لها إلا بمقدار إدراك العقل لها واقترابها من عالم المثل” (محمد ,2003م, ص: 128)
وهي مذهب فلسفي يؤمن معتنقوه بوجود أفكار عامة ثابتة ونهائية وهي جوهر الكون وحقيقته وقد أوجد هذه الأفكار عقل عام أو روح عامة وهي كل ما هو حقيقي. كما يؤمنون بأن عالم المادة عالم الخبرات اليومية عالم غير حقيقي لأنه يتميز بالتغير وعدم الاستقرار، ولكن هذه المادة لا يدركها الإنسان بحواسه، وصيغت على مثال وجد في الفكر، والعقل وحده هو الذي يحكم على مدى مطابقة المادة لتلك المثل. (ناصر ,2001م ,ص:243)
النشأة التاريخية للفلسفة المثالية:
الفلسفة المثالية من أقدم الفلسفات في الثقافة الغربية، وترجع جذورها التاريخية إلى الفيلسوف الإغريقي أفلاطون (429-347 ق.م) الذي اعتبره مؤرخو الفلسفة ونقادها أباً لها على الرغم من وجود فكر فلسفي وفلاسفة قبله. لقد آمن بالثنائية، أي بوجود عالمين: العالم الحقيقي وهو عالم الأفكار العامة الحقيقية الثابتة (عالم المُثل)، والعالم الآخر وهو عالمنا الذي نعيش فيه وهو ظل للعالم الحقيقي ( الرشدان وآخرون 1997م ص:59,ص:60).
والفلسفة المثالية نشأت ملائمة لعصرها، فالنظام الاجتماعي – الاقتصادي الذي كان قائماً في مدينة أثينا في ذلك الوقت كان قائماً على التقسيم الطبقي للمجتمع إلى ثلاث طبقات: طبقة الأحرار، المحاربين، والعبيد. وكانت التربية الحرة مقصورة على الأحرار التي لا تنظر نظرة احترام إلى العمل اليدوي.
وكان لهذه الفلسفة تأثير كبير على حياة الشعوب، وساعدت الديانتان اليهودية والمسيحية على انتشار الأفكار المثالية على نطاق واسع. ولا يزال أثرها قوياً في أعمال المفكرين والأدباء ورجال الإصلاح والسياسيين ورجال التربية.(جعنيني 2004م,ص: 108)
وإضافة إلى المذهب التقليدي للمثالية الموضوعية والذي كان الفيلسوف اليوناني أفلاطون أبرز روادها فإن الفلسفة المثالية لها صور متعددة من أهمها:
1– المثالية الذاتية subjective idealism:
وتفسر العالم المادي تفسيراً عقلياً روحياً، إذ ترى أن الوجود هو الإدراك، فوجود الشيء يعني أننا ندركه. والمادة لا تدرك في ذاتها، وتنكر وجود المحسوسات، فهي لا تحول الأشياء إلى معان بل إنها تحول المعاني إلى أشياء ومن ممثليها “باركلي”.
2- المثالية النقدية critical idealism:
ومن روادها “كانط” الذي دحض المثالية الذاتية، إذ بين في كتاباته التمييز الدقيق بين الظواهر العقلية على كل تجربة والظواهر المكتسبة بالتجربة، ويرى أن المعرفة لا تستقي من المحسوسات وحدها ولا من العقل وحده، ولكن الحس ينقل للعقل صور المحسوسات فيضيف إليها علاقات زمنية أو مكانية، ومن هنا أضاف “كانط” العقل إلى التجربة كمصدر من مصادر العلم.
ثم هناك المثالية المطلقة التي قال بها “هيجل” وأخذها عنه “برادلي” الإنجليزي، ثم المثالية الجديدة وهي التي دعا إليها في إيطاليا “كورتشه”. ثم المثالية الشخصية عند “سور لي”.(جعنيني 2004م,ص: 108-109)
رواد الفلسفة المثالية :
هناك عدد من الفلاسفة ينظر إليهم كرواد ورموز للفلسفة المثالية في صورها المتعددة ولازالت أقوالهم الفلسفية ذات أثر عميق في التاريخ الفلسفي الإنساني ليس ذلك في المجال التربوي فقط ولكن في شتى المجالات ومن أبرزهم على الإطلاق يأتي:
أفلاطون 429-347 ق.م:
ولد في مدينة أثينا أو في أجينا في أسرة أرسطقراطية، ونال حظاً عالياً من الثقافة من علم وأدب وشعر وفلسفة، إلا أن ميله كان لعلم الرياضيات، وقضى معظم حياته يؤلف ويفكر في العلم والسياسة والتربية ويمهد لها بالفلسفة. وقد تتلمذ أفلاطون على يد العديد من الفلاسفة ومنهم سقراط الذي كان له أثر كبير على فكره وحياته.
أنشأ أكاديميته في أثينا عام (387) ق.م والتي كانت عبارة عن جامعة حفظت تراث اليونان الثقافي من هوميروس إلى سقراط، وبقي في الجامعة يعلم عن طريق الحوار والجدل، ومارس الكتابة قرابة أربعين عاماً ونشر أفكاره التربوية في كتابيه “الجمهورية” و”القوانين” التي كانت مشتقة من فلسفته وبالأخص أفكاره في طبيعة الدول والمواطنة فيها، فوضع بذلك نظاماً تربوياً شاملاً يكشف عن مواهب الفرد من أجل تحقيق العدالة والفضيلة في المجتمع، ويرى أن المدينة الفاضلة التي تصورها تمتاز بصفات الحكمة والعدالة والعفة والشجاعة. (شفشق 1982م ص:332)
وسعى من وراء نظريته في الأفكار “نظرية المثل” إلى إيجاد المسكن الحقيقي للروح، فالحقيقة عنده هي الأفكار وهي مصدر تشابه الأشياء، إنها المثل الأبدية الثابتة القائمة في أساس الظواهر الطبيعية.
واعتقد أن الأشياء ماهي إلا نسخ ناقصة لمثل كاملة لا يمكن معرفتها إلا عن طريق العقل فالعقل أزلي وكوني لأنه يعمل في أشياء أزلية وكونية وهو الذي يوصلنا إلى المعرفة الحقيقية.
لقد كان أول فيلسوف تناول المسائل الرئيسية في الفلسفة من كون ومعرفة وأفكار ووضعها في نظام متماسك، ويعتبره البعض ملك الفلاسفة، وكان يأمل أن تلعب فلسفته دوراً قوياً في السياسة. (جعنيني 2004م,ص:111)
وركز على العقل وحده دون الحواس، ويعتبر أن التخصص وتقسيم العمل أساس الحياة الاجتماعية، وخرج بنظريته في كتاب “الجمهورية” والتي ترتكز على التخصص في التربية وعلى بناء مدينة فاضلة.
كما آمن أفلاطون بقدرة التربية على علاج الفساد والتغيير للأفضل وتبدأ منذ الطفولة، لكن يلاحظ أن آراؤه واتجاهاته طوبائية بعيدة عن الواقعية الاجتماعية وغير متناسقة في إطار فكري ينظمها ويحويها، وقد ارتبط المذهب المثالي التقليدي باسمه وسميت مثاليته بالمثالية الإلهية.(التل وآخرون 1993م:ص179)
وبعد عصر النهضة والإصلاح الديني الذي حدث في الغرب ومنذ القرن السادس عشر، أصبحت المثالية من أكثر الفلسفات ذيوعاً وانتشاراً، ويرجع الفضل في ذلك إلى مساهمة عدد من الفلاسفة فيها مثل رينيه ديكارت الفرنسي (1569-1650م).
رينيه ديكارت 1569-1650م:
يعد هذا الفيلسوف من الفلاسفة المثاليين على الرغم من أن جزءاً كبيراً من فلسفته تقع في نطاق الفلسفة الواقعية، فمنذ ريعان شبابه كان يحاول التوصل إلى معارف بشأن الإنسان والكون، ولكن تعمقه في دراسة الفلسفة أوصله إلى قناعة بجهله الكامل عن الوصول إلى معارف أكيدة.
نشر معظم كتابته في كتاب “مبادئ الفلسفة” عام (1637م)، وارتبط اسمه بمذهب الشك المنهجي الذي من خلاله يتوصل الباحث والدارس إلى اليقين، فأعطى قيمة للشك باعتباره نوعاً من التفكير، وأن التفكير ما هو إلا وجود، ووصل إلى المبدأ الآتي وهو “أنا أفكر إذاً أنا موجود” أي أنه إذا انعدم التفكير انعدم الوجود.
واعتقد أن الحقيقة قائمة في العقل ولا وجود لها خارجه، فمعرفة الأشياء الخارجية تكون بالذهن لا بالحواس، ولكنه يؤكد أن الفكر ليس سبباً في خلق الوجود على نحو ما يراه بعض المثاليين، إذ إنه فصل بين العقل والمادة وبين الفكر والوجود كما فعل أفلاطون. (جعنيني 2004م,ص:113)
جورج باركلي 1685-1753م:
هو أسقف ايرلندي تبدأ فلسفته بالروح والعقل، وناضل باركلي ضد المادية لأنها تتعرض للإيمان. ويعتبر من ممثلي المثالية المتطرفة لأنه أنكر في كتابه “مبادئ المعرفة الإنسانية” وجود المادة متذرعاً باستحالة إدراك الأشياء المادية. فمثاليته مثالية ذاتية ترى وجود الشيء في إدراكه وأن الأشياء ليس لها وجود مادي مستقل عن الذوات التي تدركه، وهو بهذا قريب من ديكارت في مثاليته المنهجية عندما اعتبر وجود الله هو الأساس في وجود العالم. (جعنيني 2004م,:ص114)
ويعد باركلي من رواد (المثالية السيكولوجية ) أو (المثالية المادية ) أو ما يسمى (المثالية الخارجية) والتي توقف وجود العالم الخارجي على الذات العارفة.
إيمانويل كانط 1724-1804م:
من مشاهير الفلاسفة المحدثين، ويرى بعض المؤرخين والنقاد أنه عملاق الفلسفة الحديثة ومؤسسة الفلسفة النقدية وزعيم للمدارس المثالية الألمانية. لقد عمل أستاذاً للفلسفة في جامعة لكسمبورغ،