الوقت أكثر من مجرد متابعة وقراءة شيء على مدار الساعة. إنه شعور لدينا في رؤوسنا وأجسادنا، ويتخطى ذلك إلى الإيقاعات الطبيعية للعالم.
توقف الوقت ليس مشكلة تقنية، إنه استحالة جسدية (مواقع التواصل الاجتماعي)
في أحيان كثيرة نرغب في تجميد الوقت ومنعه من المرور أو الاستمرار في التقدم، ربما نريد لتلك اللحظة السعيدة التي نتشاركها مع حبيب مغادر أن تستمر إلى الأبد، ربما لا نريد أن نكبر كثيرا في العمر، أو ربما نود بقاء أبنائنا معنا ومنعهم من مفارقتنا والعيش بعيدا. لكن هل مثل هذا الشيء ممكن؟
استحالة جسدية
يقول دانيال باركر، الكاتب العلمي في موقع فيوتشريزم (futurism) "بالنسبة لهؤلاء الحالمين الذين يتصورون مستقبلا يتمكن فيه البشر من إيقاف الوقت، لن يحدث ذلك أبدا. توقف الوقت ليس مشكلة تقنية، إنه استحالة جسدية". إننا نعلم أن السيارة تتحرك لأنها في وقتين مختلفين تكون في مكانين مختلفين.
يقول شون كارول، عالم الفيزياء النظرية في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا "كالتيك" (Caltech)، "الحركة تتغير فيما يتعلق بالوقت، لذلك الوقت نفسه لا يتحرك." بمعنى آخر، إذا توقف الوقت ستتوقف كل الحركات أيضا.
ولأن كل شيء في الكون في حالة حركة بالنسبة إلى كل شيء آخر، فالأرض تدور حول الشمس، ونحن في حالة حركة مستمرة معها، والشمس الموجودة في ذراع مجرة درب التبانة تدور حول مركز المجرة، التي تدور وتتحرك عبر الفضاء هي الأخرى، لا مجال إذن لتوقف الوقت.
إيقاف الوقت أيضا غير ممكن دون كسر قوانين الفيزياء، حسب موقع وات إف شو (whatifshow)، فإن السرعة تساوي المسافة مقسومة على الوقت، والوقت يساوي المسافة مقسومة على السرعة. ولجعل الوقت يساوي الصفر، عليك السفر بسرعة تتغلب على سرعة الضوء، وهذا مستحيل.
ما الوقت؟
يقول آدم مان الصحفي المتخصص في علم الفلك والفيزياء في مقاله على لايف ساينس (Live Science)، تتطلب الإجابة على سؤال إمكانية توقف الوقت الغوصَ العميق في أبعد أركان الفيزياء والفلسفة والإدراك البشري.
علينا أولا تحديد الوقت، الذي يقول عنه كارول هو مجرد تسمية لأجزاء مختلفة من الكون. إنه يدلنا على شيء يحدث بالفعل. كما أن الوقت أكثر من مجرد متابعة وقراءة شيء ما على مدار الساعة. إنه شعور لدينا في رؤوسنا وأجسادنا، ويتخطى ذلك إلى الإيقاعات الطبيعية للعالم.
يضيف كارول أن العديد من معادلات الفيزياء لا تميز كثيرا بين الماضي والحاضر والمستقبل. ووفقا لنظرية آينشتاين، فإن الوقت يتشابك مع الفضاء في مفهوم أكبر يعرف باسم الزمكان الذي يدعم الكون.
وقد أظهرت النسبية أيضا أن الوقت يمكن أن يصبح متغيرا اعتمادا على السرعة التي يتحرك بها الشخص بالنسبة إلى شخص آخر. فإذا أرسلت شخصا بساعة على متن مركبة فضائية بسرعة تقترب من سرعة الضوء، فسيبدو أن الوقت يمر بشكل أبطأ بالنسبة له مقارنة بصديق ثابت تركه على الأرض.
وعلى الرغم من ذلك، فإن هذه ليست طريقة لإيقاف الوقت. قد تختلف ساعتان في النسبية، لكن كل منهما ستظل تسجل مرور الوقت المعتاد ضمن إطارها المرجعي. يقول كارول إذا كنت تقترب من ثقب أسود "فلن تلاحظ أي شيء مختلف إذا كنت تنظر إلى ساعة يدك، وسوف تمر بسرعة ثانية واحدة في الثانية".
إذا توقف الوقت سيتوقف الناس عن الحركة، ويتوقف الماء عن الجريان ويتوقف كوكبنا عن الدوران (بيكسلز)
كيف سيبدو العالم بلا وقت؟
على الرغم من أن الفيزياء تمنعنا من خلق عالم لا يتحرك فيه الزمن، فإنه يمكننا استخدام الفيزياء لتخيّل كيف سيكون هذا العالم، والذي سيجيب جزئيا عن سبب استحالة توقف الوقت تقريبا.
إذا توقف الوقت سيتوقف الناس عن الحركة ويتوقف الماء عن الجريان ويتوقف كوكبنا عن الدوران. كل جزيء سيبقى ثابتا. كل شيء سيكون في وضع السكون، لن تعرف حتى إن الوقت قد توقف، لأن خلاياك العصبية لن تتحرك أيضا.
ولكن لنفترض للحظة، وفقا لموقع "وات إف شو" (whatifshow)، أنك حققت المستحيل وأصبح لديك جهاز مصمم لتجميد الوقت لكل شيء ما عداك، لن تكون الحياة كما تتوقع. ولن تكون سعيدا تماما، تجميد الوقت يأتي مع آثار جانبية مزعجة للغاية.
إذ إنك ستصبح أعمى وأصم وغير قادر على تحريك عضلة واحدة. فأنت لن ترى أي شيء. لأن توقف الوقت من شأنه أن يوقف الفوتونات، جزيئات الضوء التي تتحرك بشكل طبيعي بسرعة الضوء.
ولن تسمع أي شيء أيضا لأن الموجات الصوتية ستتوقف عن الانتقال عبر الهواء إلى طبلة الأذن. ستكون محاصرا بين الجزيئات المجمدة المحيطة بك، ولن تتمكن من رفع إصبعك. سيزداد الأمر سوءا بمجرد أن تدرك أنه لا يمكنك دفع جزيئات الأكسجين للأسفل إلى رئتيك. إذن أنت الآن أعمى وأصم ومختنق، وعلى وشك أن تفقد الوعي.
فيلم الخيال العلمي "موقفو الساعة" هو فيلم كوميدي أميركي أُنتج عام 2002 (مواقع التواصل الاجتماعي)
إمكانية توقف الوقت
قد تكون هناك بعض الطرق التي يمكنك من خلالها نظريا إيقاف الوقت، إلا أن جميعها تقريبا بها عوائق، قد تكون أنسب طريقة للقيام بذلك هي تغيير تعريفك للوقت نفسه، أو تجميد الكون أو الكوكب أو المنطقة المحلية التي تقطنها، المشكلة هي أنك ربما ستقتل الجميع.
إذا قمت بالعكس أيضا وبدلا من تجميد كل شيء قمت بتسريع كل شيء، مثلما تم في فيلم الخيال العلمي "موقفو الساعة" (Clockstoppers) -وهو فيلم كوميدي أميركي أنتج عام 2002- فسيترتب على ذلك تحرك الوقت ببطء شديد.
بيد أن الحركة الجزيئية والحرارة مرتبطتان، إذا كانت جزيئاتك ستتحرك بسرعة شديدة فستكون الحرارة أيضا مرتفعة جدا، ومن الصعب توقع كيف سيؤثر ذلك على إدراكك للأشياء.
هناك طريقة أخرى لإيقاف الوقت وهي وضع كل ما ترغب في إيقافه بالقرب من ثقب أسود، أو التقاط صورة جميلة للحظة تحبها.