سقاها الغيث وِرداً بعد وِردِ
ديارُ (العِرِ ) باديتي ومهدي
كأن تجاور البنيان فيها
قطيع ركائبٍ بشفير نجدِ
وقفت على "المذرّةِ " من رُباها
أُطالعُ رسمها وأبثُ وجدي
وكم دافعتُ بالأهاتِ دمعي
وما كانت مُدافعتي لتُجدي
إذ استقوى الطلولُ بذكرياتٍ
دحرن تماسكي وغلبن جدي
فسالت عَبرتي لما تراءى
على الوجدانِ طيف أبي وجدي
وأجداثُ تضمُ على ثراها
من الأحبابِ وفداً حذو وفدِ
ودارٌ في "الحصون" نشأتُ فيها
على الأيمان من دارِ ابن سعدِ
قضيتُ بها صبا الايامِ طراً
وسبعاً من رياعيني ورشدي
خلت منها الحياةُ فما تبقى
سوى ريّا تسابيحٍ وحمدِ
على سجادةٍ كانت لشيخٍ
يقومُ الليل في حرٍ وبردِ
ومرءاةٍ معلقةٍ تشظّت
وجوهاً غادرتها منذُ عهدِ
ودارٌ كُنتُ أرسمُ مستهاماً
على جُدرانها أزهار ودي
غدت ظلماء موحشة سجاها
سوادٌ من كآباتٍ وفقدِ
كأني إذ وقفت بها وحيداً
صدى الأيام عن عمرو ابن معد
فمن أحببتهم ذهبوا لأبقى
فريداً كالحسامِ بجوف غمدِ
أغُص بما وجدتُ وما تولّى
كأني بالحنين نسيج وحدي
لحى الله الفراقَ ثوى فأودى
بِنا في كل ناحيةٍ وحدِّ
"فإن لم نلتقِ في الأرضِ يومًا"
فعند الله يُطوى كل بُعـــدِ
كامل زيد