الفرقة السيمفونية العراقية الأقدم عربيا
ما يزال قائد الفرقة السيمفونية العراقي المايسترو علي خصاف ممتنا لأعضاء فرقته لاستمرارهم بتقديم عروضهم بإخلاص رغم عدم وجود موقع خاص لتدريبهم، ولا مكتبة موسيقية تساعدهم على اقتناء المقطوعات العالمية أو إيجادها.
ويقول خصاف إن الجمهور رائع ويستحق العناء، إذ كل مرة لا يسع المسرح الحاضرين يقف الآلاف منهم عند باب المسرح، ويشير إلى أن العراقيين يحبون الموسيقى ويحبون الحياة.
وتعد السيمفونية العراقية من أقدم الأوركسترات بالشرق الأوسط، وبداياتها في أربعينيات القرن الماضي، متمثلة بمجاميع رباعية أو خماسية من العازفين وتسمى "موسيقى الصالة أو الحجرة" ثم تشكلت مجموعة موسيقية من أساتذة وطلبة معهد الفنون الجميلة (جمعية بغداد الفلهارمونيك) حيث قدمت العديد من النشاطات كفرقة وترية ليتسع نشاطها أواسط الخمسينيات بانضمام بعض العناصر الأجنبية وخبراء العزف والتدريس.
ومرت السيمفونية بتوقفات عديدة لفترة خلال الستينيات، ثم أسست بشكل رسمي وقرار جمهوري في السبعينيات، وانضم لها لاحقا الموسيقيون الأجانب المقيمون داخل العراق ممن كانوا يعملون مدرسي موسيقى بالمؤسسات التعليمية آنذاك.
وقد تتابع على قيادة الأوركسترا العديد من قادة الفرق المحترفين منذ تأسيسها، وفي مرحلة الثمانينيات تولى قيادتها عدد من العراقيين أمثال محمد أمين عزت الذي يعتبر أول قائد فرقة عراقي يمسك قيادة السيمفونية عام 1989.
الفرقة تعتمد على طاقم عراقي بالكامل الفرقة تعتمد على طاقم عراقي بالكامل
مقاومة الحصار
ويشير المايسترو خصاف إلى أن جميع العازفين الأجانب (ما يقارب الثلاثين شخصا) غادروا نتيجة للحصار الذي فرض على العراق في تسعينيات القرن الماضي، لتعتمد الفرقة -من يومها- على طاقم عراقي بالكامل، مع راتب دولارين فقط لكل عازف، ومع هذا لم تتوقف فعالياتهم.
ويؤكد أن عدد العازفين كان خمسين، وبعد عشر سنوات أصبحوا اليوم تسعين عضوا "ونطمح لإضافة أربعين عازفا أيضا لتصبح أوركسترا كاملة مع الغناء الأوبرالي" لافتا إلى أن السيمفونية قدمت العديد من المقطوعات الموسيقية بتأليف عازفين عراقيين، إذ قدمت وعلى مدار سنوات عديدة حفلات متكاملة بالموسيقى العراقية وألحانها وإدخال المقام العراقي في بعض مقاطعها.
هي الحياة
وبعد مضي ١٢ سنة لحسام محمد في الفرقة السيمفونية العراقية -وبعد اكتسابه منصب رئيس قسم آلة (التشيللو)- يبدو سعيدا جدا لكونه جزءا من هذا الجمع المميز والأقدم في الشرق الأوسط.
وهو أيضا أول موسيقي عراقي في أوركسترا شباب العالم التي يقام حفلها السنوي في شمال ألمانيا، والآن يملك مشروع تأسيس أوركسترا الخليج للشباب والتي ستضم خيرة العازفين الموهوبين من جميع أنحاء العالم.
العازف حسام محمد يقول إن الموسيقى هي الحياة
ويقول محمد إن الفرقة أصبحت تضم طاقات شبابية كبيرة تم صقلهم ليصبحوا عازفين نشيطين، ويؤكد أن السيمفونية علمته كل شيء صحيح في هذه الحياة، وكانت معلمته على مستوى التفكير والعمل قبل أن تكون مصدر رزقه، والموسيقى التي يتدرب عليها داخل القاعات هي الحياة بالنسبة له.
وقد قدمت السيمفونية -يقول محمد- تجارب بعزف مختلف أنواع المقطوعات الموسيقية غير المقطوعات العالمية والكلاسيكية، منها موسيقى الأفلام والجاز والموسيقى الشرقية، وحازت على إعجاب الجمهور، لتنجح الفرقة باكتساب أعداد تقدر بالآلاف من الجمهور في السنوات العشر الأخيرة.
ويؤكد أن المستمع العراقي متعطش لسماع المزيد منها، ويتم الآن تقديم عرض كل شهر على المسرح الوطني بمنهاج جديد ومختلف على ما سبقه.
وتضم السيمفونية حوالي تسعين موسيقيا محترفا من أصل 120، لتقدم على مدى مسيرتها الفنية أعمالا غاية في التميز، وامتد نشاطها الفني خارج العراق حيث قدمت حفلات أخرى في مدن عديدة.
إسراء سعدي: جمهور السيمفونية يضم جميع شرائح ومكونات المجتمع
حب الموسيقى
ترى العازفة على آلة التيوب في السيمفونية العراقية إسراء سعدي أن حفلات السيمفونية منظمة، ويتم إيقاف الحفلات في المناسبات الدينية لأن جمهورها يضم جميع شرائح ومكونات المجتمع.
وتقول إن البطاقات تنفد سريعا لأن الجمهور العراقي يريد له أي فسحة تجعله سعيدا "لقد أصبح أكثر وعيا وثقافة موسيقيا، ليميز بين أنواع الموسيقى التي نعزفها، فيتفاعل الجمهور مع ما نقدم دائما".
وقد واجهت الأوركسترا الكثير من الصعوبات -تقول العازفة- إذ أثرت الحروب والظروف التي يمر بها البلد على العازفين واضطرت بعضهم للسفر إلى الخارج، لكن الفرقة لم تتوقف وبقيت تحارب من أجل تاريخها الحافل بالمنجزات، كما أصر أعضاؤها وقائدها على البقاء والاستمرار والعمل لسنوات أمام الجمهور دون مقابل، كفسحة يحاول العراقيون خلالها الهرب من أوضاعهم.
أما المصور الفوتوغرافي معد عادل، فيجد أن إقامة حفلات شهرية للفرقة السيمفونية العراقية في بغداد مكسب جديد لمتذوقي الموسيقى العالمية، حيث إن هذه الأجواء تنقل المستمع البغدادي إلى عالم الفن الأصيل والراقي.
وقد ازداد عدد حضور الأمسيات الموسيقية في بغداد -يقول المصور- بالرغم من الظروف التي كانت سائدة قبل أعوام، مما يعد تطورا ملحوظا في مزاج المستمع والمتذوق العراقي ويعد حافزا لإعادة الحياة لطبيعتها في جميع مرافق الحياة الفنية والموسيقية والمدنية.