هل تكره الحقن؟ يطور باحثون من الصين لقاحا مضادا لفيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" على شكل بخاخ، فما الميزات التي يقدمها؟ وهل هناك باحثون آخرون يعملون على نفس الطريقة؟
طور باحثون صينيون لقاحا لفيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" على شكل بخاخ، وقدموا طلبا للسماح لاستخدامه الطارئ للسلطات الصحية في الصين.
وطور اللقاح باحثون بقيادة تشين وي بالاشتراك مع شركة التكنولوجيا الحيوية الصينية "كانسينو بيولوجيكس" (CanSino Biologics Inc).
وكانت كانسينو بيولوجيكس قد طورت لقاحا من جرعة واحدة لفيروس كورونا، يعتمد على تقنية الناقل الفيروسي، ويعطى عن طريق الحقن.
وقال تشين وي إن اللقاح لا يتطلب سوى خُمس كمية لقاح فيروس كورونا المطلوب إعطاؤها عن طريق الحقن ولا يحتاج إلى تخزين ونقل لسلسلة التبريد، وذلك في خطاب ألقاه في منتدى بوجيانغ للابتكار في شنغهاي يوم الخميس الماضي، وفق ما نقلت "يورونيوز" (Euronews).
وتوقع تشين أن يحسن هذا اللقاح الجديد إمكانية الوصول ويقلل تكلفة لقاح كورونا.
ووفقا لتصريحات لخبراء فإنهم متفائلون بهذا النوع الجديد من اللقاح الذي يعتقدون أنه أفضل من اللقاحات القابلة للحقن من حيث الكفاءة والراحة.
وقال تاو لينا -خبير اللقاح في شنغهاي- إن لقاح كوفيد-19 الحالي القابل للحقن مكون من 0.5 ملليلتر لكل جرعة. وأضاف لصحيفة "غلوبال تايمز" (Global Times) أنه إذا كان لقاح بخاخ الأنف من تشن يمكن أن يحقق نفس التأثير الوقائي بجرعة 0.1 مليلتر فقط، "فهذا يعني أن لديه كفاءة مناعية أعلى".
وقال تاو إن الكفاءة الأعلى قد تأتي من الطريقة التي يدخل بها اللقاح إلى الجسم، وأوضح أنه يتم استنشاقه مباشرة عن طريق الأنف، مما يحاكي العدوى الطبيعية لفيروس الجهاز التنفسي كوفيد-19.
وأضاف تاو أنه بجرعة خُمس فقط من لقاح كوفيد-19 الذي يعطى بالحقن يمكن للمنتجين إنتاج 5 أضعاف لقاحات بخاخ الأنف بنفس القدرة الإنتاجية للقاحات القابلة للحقن، والتي يمكن أن تسهم في تسريع التطعيم في الصين.
وقال تشين إن اللقاح قد قُدم طلب باستخدامه الطارئ للإدارة الوطنية للمنتجات الطبية الصينية.
الجيل التالي من لقاحات كوفيد-19
وفي بداية مايو/أيار الماضي كتب بيتر لوفتوس وغريغوري زوكرمان –في "وول ستريت جورنال" (Wall Street Journal) إن الجيل التالي من لقاحات كوفيد-19 قد يكون أقراصا أو رذاذا.
وأضافا أن صانعي الأدوية والمختبرات الحكومية يطورون جرعات أسهل في الحمل والنقل لمعالجة متغيرات فيروس كورونا وتجنب الأوبئة في المستقبل.
وهذه اللقاحات الجديدة -من مختبرات الحكومة الأميركية وشركات؛ بما في ذلك "سانوفي إس إيه" (Sanofi SA) و"ألتيمون" (Altimmune Inc). و"غريتستون إنكولوجي" (Gritstone Oncology Inc)- لديها أيضا القدرة على توفير استجابات مناعية تدوم طويلا وتكون أكثر فعالية ضد المتغيرات الفيروسية الأحدث والمتعددة، مما قد يساعد على تجنب الأوبئة في المستقبل، كما تقول الشركات.
فمثلا اللقاحات المرخصة حاليا للاستخدام في الولايات المتحدة من شركة "فايزر" (Pfizer) وكذلك "مودرنا" (Moderna) يجب أن يتم نقلها وتخزينها في درجات حرارة منخفضة وتتطلب جرعتين.
وقال جريجوري بولاند -الأستاذ وباحث اللقاحات في "مايو كلينك" بمدينة روتشستر في ولاية مينيسوتا- إن اللقاحات الجديدة يمكن أن "تشكل بعض التحسينات" على تلك القيود وأن تستوعب جهود التطعيم بسهولة أكبر في المناطق الريفية.
نهج تطوير اللقاحات (منظمة الصحة العالمية)
إزالة الفيروس من الجهاز التنفسي
وهناك 277 لقاحا لكورونا قيد التطوير على مستوى العالم، وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال، منها 93 دخلت الاختبارات البشرية، وفقا لمنظمة الصحة العالمية. ومعظم اللقاحات هي عبر الحقن، ولكنْ هناك تركيبتان عن طريق الفم و7 تركيبات بخاخ للأنف.
وتقول شركة ألتيمون إن لقاح كوفيد-19 الذي يتم رشه بالأنف قد يحفز نوعا من الاستجابة المناعية التي يمكن أن تساعد في إزالة الفيروس من الجهاز التنفسي.
يوجد العديد من لقاحات الجيل التالي في المرحلة المبكرة إلى المتوسطة للاختبار البشري، مما يعني أنها قد لا تصبح متاحة حتى وقت لاحق في عام 2021 أو 2022. ولا يوجد ضمان لنجاح اللقاحات في الاختبار، وبعض من الشركات التي تقوم بتطويرها -مثل ألتيمون وغريتستون إنكولوجي- لم تقدم مطلقا لقاحا إلى السوق.
وهناك تحدٍ قد تواجهه الشركات التي تطور لقاحات كوفيد-19 من الجيل التالي؛ حيث قد يتم إيجاد عدد كاف من الأشخاص المستعدين لتلقي لقاحات غير مثبتة أو دواء وهمي في التجارب السريرية في الوقت الذي يمكنهم فيه أيضا الحصول على إحدى اللقاحات المصرح بها والتي ثبت فعاليتها بالفعل.
وقالت متحدثة باسم ألتيمون إن العثور على المتطوعين أصبح أكثر صعوبة، لكن تركيبة رذاذ الأنف لديها جاذبية كافية لمواصلة جذب المتطوعين.
وإذا ثبت أنها تحمي الأشخاص بأمان من كوفيد-19؛ يمكن أن تكون اللقاحات الجديدة عبر الأنف أسهل في الإعطاء، كما يمكن أن تساعد في توفير جرعات معززة للأشخاص الذين تلقوا بالفعل اللقاح.
وقال جون ماسكولا -مدير مركز أبحاث اللقاحات في المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في الولايات المتحدة- "من المهم للغاية في المستقبل أن يكون هناك لقاحات يسهل التعامل معها وتتميز بخصائص أفضل لسلسلة التبريد".
كل اللقاحات تحتوي على مكوّن نشط (المستضد) يولّد استجابة مناعية (منظمة الصحة العالمية)
المناعة المخاطية
وتعمل ألتيمون على تطوير لقاح كوفيد-19 يتم إعطاؤه كرذاذ أنفي، وقال سكوت روبرتس -كبير المسؤولين العلميين في ألتيمون- "إنها طريقة سهلة وفعالة للغاية لإعطاء اللقاح". "لست بحاجة إلى الإبر والمحاقن".
ويستخدم اللقاح نسخة معدلة من فيروس غير ضار يسمى "الفيروس الغدي" (Adenoviruses)، والذي تم تصميمه ليحمل رمزا جينيا يوجه خلايا الجسم لصنع بروتين سبايك من فيروس كورونا. وهذا يستحث استجابة مناعية، بما في ذلك إنتاج الأجسام المضادة في الدم، وبناء دفاع ضد الفيروس الحقيقي.
ونظرا لأن لقاح ألتيمون يتم إعطاؤه كرذاذ أنفي؛ فقد يؤدي أيضا إلى تحفيز نوع من الاستجابة المناعية المعروفة باسم المناعة المخاطية، والتي يمكن أن تساعد في إزالة الفيروس من الجهاز التنفسي، وبالتالي المساعدة في تقليل انتقال الفيروس عن طريق الأشخاص الذين تم تطعيمهم، وفقا للدكتور روبرتس الذي قال "إن امتلاك هذه المناعة المخاطية التي يمكن أن تمنع العدوى في طريقها وكذلك تحييدها عندما تكون في طريقها إلى الخارج؛ يمكن أن يكون أمرا مهما للغاية من منظور الصحة العامة".