لماذا يحوم البعوض حول آذاننا؟ ولماذا يصدر هذا الطنين المزعج؟
لحمايتك، فإن أفضل شىء تقوم به هو ارتداء الملابس الطويلة ذات الألوان الفاتحة، واستخدام طارد الحشرات والابتعاد عن النقاط الساخنة والأوقات المفضلة للبعوض
مع قدوم الصيف تزداد المعاناة بتعرضنا لطنين وقرص البعوض (غيتي إيميجز)
مع قدوم الصيف، والسفر والرغبة في قضاء الوقت مع الأهل في المناطق الريفية أو بالقرب من الشواطئ، ربما اعتدت أن تكون إحدى مهامك الرئيسية هي الاستعداد للبعوض. فتأخذ معك عدتك المناسبة لشن الحرب على هذا الكائن مصاص الدماء.
تزداد مهمتك تعقيدا إذا كان لديك أطفال صغار. فمن حيث لا تدري ربما ستفاجأ بعضات البعوض التي يعرفها الجميع والتي تتكون بعدما يكون قد شرب من الدماء حتى شبع أو ما يكفي إناثه لوضع البيض، حيث إن ذكور البعوض أقل اهتماما بالتطفل على البشر والتغذي على دمائهم.
الطنين في أذنك غالبا هو مجرد أثر جانبي لضرب البعوض أجنحته بالهواء (بيكسلز)
ولكن لماذا تحوم هذه الحشرات الماصة للدماء حول آذاننا في المقام الأول؟ ولماذا تصدر هذا الضجيج المزعج؟
يقول مايكل ريل، أستاذ علم الحشرات في جامعة أريزونا University of Arizona "إن الطنين في أذنك في الغالب مجرد أثر جانبي لضرب البعوض أجنحتها في الهواء، هذا الصوت لا يمكن سماعه من بعيد لذلك ستلاحظه أكثر عندما يحلق حول أذنيك".
لماذا أنثى البعوض وليس الذكور؟
من المحتمل أن يكون هذا الصوت الذي تسمعه صادرا من أنثى البعوض. ذلك لأن البعوض من الذكور والإناث يعيشان حياة مختلفة تماما.
ففي حين يتسكع الذكور عادة ويحتسي رحيق الأزهار ولا يهتم كثيرا بالبشر، فإن الإناث تحتاج إلى العثور على وجبة دم بعد التزاوج من أجل الحصول على طاقة كافية لإنتاج البيض. كما أن الإناث مجهزة بأدوات فريدة للتطفل على ضحاياها من البشر.
تستدل إناث البعوض على ضحاياها من البشر من خلال ثاني أكسيد الكربون (يوريك ألرت)
كيف تجد ضحاياها؟
يقول ريل -لموقع لايف ساينس Live Science- إن إناث البعوض تستدل على ضحاياها من البشر من مسافة بعيدة، من خلال ثاني أكسيد الكربون الذي نخرجه بعملية الزفير في شكل أعمدة مخروطية الشكل حيث "يحفز ثاني أكسيد الكربون أنثى البعوض على البدء في البحث عن مضيف" وتطير ذهابا وإيابا لتتبع تدرج التركيز هذا الذي يعود إلى المصدر.
بعبارة أخرى، يطن البعوض حول رؤوسنا لأن هذا هو المكان الذي نطرد فيه معظم ثاني أكسيد الكربون. ومع اقترابها، فإن أنثى البعوض تسترشد بحرارة الجسم وعمود ثاني أكسيد الكربون لتهبط على الضحية.
وتستخدم أنثى البعوض مستشعرات التذوق على قدميها لتحديد ما إذا كان هذا إنسانا أو أي حيوان يحمل دما مناسبا للاستفادة منه في وجبتها التالية.
لا يوجد أي بحث مقنع يربط بين نوع فصيلة الدم وتفضيلات البعوض (غيتي إيميجز)
ما هو الدم المفضل لديها؟
وفي حين تشير بعض الدراسات إلى أن فصيلة الدم O هي المفضلة لدى البعوض، فإن أستاذ علم الحشرات (ريل) يشكك في ذلك، حيث لم يجد أي بحث مقنع يربط بين نوع فصيلة الدم وتفضيلات البعوض.
بدلا من ذلك، يعتقد أن العوامل الأخرى، مثل الجينات وحتى النظام الغذائي للشخص، تلعب دورا أكبر في مدى "شهية" مذاق الشخص بالنسبة للبعوض. يقول ريل إن بشرتك "ينبعث منها هذا المزيج الفريد من الروائح التي تكون أكثر جاذبية لبعض البعوض من غيرها".
وقد وجدت دراسة أخرى أن إناث البعوض كانت أكثر انجذابا إلى الرجال الذين لديهم بكتيريا أقل تنوعا على جلدهم مقارنة بذوي بكتيريا الجلد الأكثر تنوعا.
والبعوض، مصاص الدماء هذا، أيضا يميل إلى الأشخاص الذين يرتدون الألوان الداكنة خصوصا الأسود.
هل للطنين علاقة بموسيقى الحب؟
وعندما تطير الأنثى نحو الهدف، فإنها تضرب جناحيها في الهواء حوالي 500 مرة بالثانية بتردد 450 إلى 500 هيرتز. ويقع هذا التردد على النغمة الموسيقية A، والتي من قبيل الصدفة، هي ما تضبطه الأوركسترا نفسها قبل الحفلة الموسيقية.
وفي حين أن هذا يبدو لنا وكأنه طائرة بدون طيار عالية النبرة، فإنها موسيقى لذكر البعوض. وفي الواقع، يستمع ذكر البعوض، الذي يتفوق تردد جناحيه على تردد جناحي الأنثى بشكل كبير، إلى نغمات رنين الإناث عندما يبحثون عن رفقاء للتزاوج.
ويحاول ريل إظهار هذا التأثير من خلال التجربة العملية لطلابه، وذلك عبر تمرير شوكة رنانة على نغمة A فوق قفص من إناث البعوض. وفي كل اختبار، لا تتفاعل الإناث.
وحينما يقوم بنفس العرض على قفص البعوض الذكور فإنها تحرك أجنحتها باحثة بشكل محموم عن "الجميلة" التي أصدرت تلك الاهتزازات الجذابة.
معظم البعوض لا ينجذب إلى رؤوسنا بل يبحث عن أقدامنا (غيتي إيميجز)
لماذا يبحث البعوض عن أقدامنا؟
ووفقا لريل فإننا قد نرى هذه الحشرة تطن حول آذاننا بسهولة، إلا أن معظم البعوض لا ينجذب إلى رؤوسنا، ولكنه أكثر ميلا للبحث عن أقدامنا التي تحتوي على بكتيريا تنبعث منها روائح مغرية للبعوض. ومع ذلك، فإننا نادرا ما نلاحظ طنينا حول أقدامنا.
وقد وجدت دراسة أجريت عام 1996 ونشرت بدورية تريندس إن باراسيتولوجي Trends in Parasitology أن إناث البعوض، من جنس الأنوفيليس Anopheles، المسؤولة عن نقل طفيل الملاريا، تنجذب إلى البكتيريا الموجودة على أقدام الإنسان.
هذه البكتيريا، التي تسمى بريفيباكتيريوم لينينز Brevibacterium linens، هي نفسها التي تمنح جبنة ليمبرغر Limburger رائحتها المميزة. كما أكدت دراسة أخرى، أجريت عام 2013 ونشرت بدورية بلوس وان PLOS One، أن البعوض ينجذب في الواقع إلى جبن ليمبرغر.
كيف يمكن تجنب البعوض؟
لتجنب البعوض، فإن أفضل شىء تقوم به هو ارتداء الملابس ذات الألوان الفاتحة والطويلة، واستخدام طارد الحشرات والابتعاد عن النقاط الساخنة للبعوض، مثل الأراضي الرطبة على سبيل المثال، في أوقات الغسق والفجر التي يكون فيها البعوض أكثر نشاطا.