يركز "معهد العالم العربي" خلال هذا الحدث الفني على المطربات الاستثنائيات الأربع: أم كلثوم، وردة الجزائرية، أسمهان، فيروز.على الطريق من بيروت والقاهرة، صوت الموسيقى يرن في كل مكان، بحميمية حيث تتشابك الطرق. أغنية لأم كلثوم وأخرى لفيروز ووردة وصباح، وغيرهن من النجمات اللاتي كن وما زلن رمزا للثورة الفنية العربية.
يحتفي معهد العالم العربي في باريس، خلال الفترة من 19 مايو/أيار إلى 26 سبتمبر/أيلول، بسحر نجمات شكلن العصر الذهبي للموسيقى والسينما العربية.
في رحلة من 4 فصول، نسافر من خلال محطات المعرض لاكتشاف حياة وتاريخ الرائدات ومؤسسات الحركة النسوية بالقاهرة في العشرينيات، ثم نطرب على أصوات ذهبية لسيدات الغناء العربي، بما في ذلك أم كلثوم ووردة وفيروز وأسمهان خلال العقود الممتدة ما بين عامي 1940 و1970، وننهي الجولة بنجمات سينما "نيلود" بين الماضي والحاضر.
جانب من مقتنيات نجمات العصر الذهبي للسينما العربية
زمن الرائدات
يبدأ المعرض من القاهرة مطلع القرن العشرين في أوج النهضة الفكرية، حيث كانت تعتبر العاصمة المصرية مركزا ثقافيا نشطا يجذب الفنانين من كل دول العالم العربي.
وفي الوقت الذي كان فيه المشهد الفني بالقرن 19 يهيمن عليه الرجال بشكل أساسي، تغير الوضع في العشرينيات وازداد عدد من يطالبن بحرية المرأة ودورها في الأوساط الفنية والفكرية.
ففي عام 1923، أسست رائدتا الحركة النسوية المصرية والعربية هدى شعراوي وسيزا نبراوي "الاتحاد النسائي المصري" للدفاع عن حقوق المرأة.
وتسلط هذه المحطة من المعرض الضوء على الكفاح النسوي الذي كان يهدف لتعزيز حضور النساء في الساحة الفكرية والثقافية بالمجتمعات العربية. وعلى سبيل المثال، تأسست مجلة "المرأة المصرية" وعدد من الصحف الساخرة والترفيهية مثل "روز اليوسف" (عام 1925) وسميت على اسم صاحبتها الممثلة روز التي كان لها دور فعال في إحياء المسرح المصري فترة ما بين الحربين العالميتين.
بالإضافة إلى ذلك، كان للصالون الأدبي مكانة مهمة لدى النساء آنذاك حيث اعتبر منبرا للتعبير عن تحرر المرأة. وبرزت تلك الفترة أسماء عديدة، مثل الكاتبة والصحفية مي زيادة التي كانت تدافع عن أحقية الفتيات في التعليم.
ويشيد هذا الجزء الأول من المعرض بأوائل النجمات اللاتي سقطن من الذاكرة، ولا سيما المطربة منيرة المهدية وبديعة مصابني وعزيزة أمير وغيرهن.
جانب من الجزء المخصص للمطربة الجزائرية وردة
من الظل إلى الأضواء
أتت نجمات الغناء العربي من خلفيات اجتماعية وأصول ومعتقدات مختلفة، لكن اشتركن جميعا في كسب شعبية واسعة بفضل أصواتهن الذهبية منذ بداية عقد الأربعينيات وحتى نهاية الستينيات.
ويركز "معهد العالم العربي" -خلال هذا الحدث الفني- على المطربات الاستثنائيات الأربع: أم كلثوم، وردة الجزائرية، أسمهان، فيروز.
وأثناء التنقل بين أروقة المعرض، يستمتع الزوار بأجمل وأشهر الأغاني التي ما زالت تردد وتغنى حتى يومنا هذا في كل الدول العربية.
علاوة على ذلك، يقدم المعرض أغراض النجمات الشخصية مثل جواز سفر وردة الجزائري والفرنسي والدبلوماسي ولقطات مصورة لأغانيها المميزة، بما في ذلك أغنية وطنية من أجل تحرير الجزائر وتبرعت بجزء من عائداتها لصالح "جبهة التحرير الوطني".ولعشاق الأزياء والموضة، يقدم المعرض جزءا خاصا لأزياء النجمات، ولا سيما فساتين "الشحرورة" صباح التي حصل عليها المعهد من حفيدتها أثناء زيارة بيروت. هذه الفنانة الأيقونة التي شاركت في مئة فيلم وغنت أكثر من 3 آلاف أغنية.
ونشاهد كذلك مقتطفات من حفلات موسيقية مصورة لأم كلثوم التي لقبتها الجماهير بـ "كوكب الشرق" لكونها "المطربة الأكثر شهرة في العالم العربي بالقرن العشرين" فضلا عن المغنية اللبنانية فيروز التي اشتهرت عالميا بفضل أغانيها لفلسطين لتصبح على إثر ذلك روح العالم العربي وقلبه النابض.
يركز "معهد العالم العربي" خلال المعرض على المطربات الاستثنائيات الأربع أم كلثوم ووردة الجزائرية وأسمهان وفيروز
هوليود على ضفاف النيل
كانت مصر رابع أكبر منتج للأفلام في العالم من أواخر الثلاثينيات وحتى أوائل السبعينيات حيث شهدت السينما المصرية "عصرها الذهبي" وكان ينتج ما بين 50 و60 فيلما كل عام.
كانت الأفلام الغنائية والكوميدية والدرامية حجر الأساس لصعود ونجاح هذه الصناعة شعبيا، وقد ساهم في ذلك أيضا تأسيس طلعت حرب باشا "استوديو مصر" عام 1935.
وقد تميزت أفلام هذه الفترة بالاستعراضات والأغاني ودفعت المنتجين إلى تفضيل إنتاج الأفلام الغنائية. وبحلول الستينيات، كان ما لا يقل عن 225 فيلما موسيقيا راقصا قد خرج من جعبة هذه الصناعة التي شجعتها وساعدت في انتشارها المجلات المصورة وملصقات الأفلام الجذابة والمعبرة.
ويخصص هذا الجزء من المعرض مساحة للتعريف بأعمال السينما المصرية "نيلود" والأفلام الغنائية، فضلا عن النجمات المطربات والممثلات والراقصات، مثل ليلى مراد وسعاد حسني وتحية كاريوكا وفاتن حمامة وهند رستم وداليدا.
وبرز وقتها اسم سامية جمال التي جمع أسلوبها بين الرقص الشرقي والأسلوب الهوليودي والباليه الكلاسيكي مع لمسة أميركية لاتينية، وكانت أول راقصة ترقص بالكعب العالي.
أما ليلى مراد فقد جعلها صوتها تحصد تقدير أعظم المخرجين والملحنين، وحازت على لقب "قيثارة الشرق" واختارتها أم كلثوم مطربة رسمية للثورة.
الجزء المخصص للفنانة الراحلة سعاد حسني من معرض نجمات العالم العربي
وتحتل "سندريلا السينما المصرية" سعاد حسني مكانة مميزة في قلوب الشعوب العربية. شاركت في 75 فيلما كوميديا ودراميا.
وسيقوم "معهد العالم العربي" بفعاليات مصاحبة للمعرض، من بينها: أمسية "تحية لشيخات المغرب" التي تعبر عن تراث وأسلوب المرأة المغربية الموسيقي، وستضم أمسية "أميرات الأغنية العربية" أغاني أم كلثوم وأسمهان وفيروز ستؤديها الفنانة التونسية درساف حمداني.