مقاوم للجفاف ومصدر للغذاء والوقود.. التين الشوكي سلاح المستقبل في مجابهة تغير المناخ
ما يقرب من 42% من مساحة الأرض حول العالم مصنفة على أنها شبه قاحلة أو قاحلة، وهناك إمكانات هائلة لزراعة نبات الصبار لعزل الكربون.
التين الشوكي مقاوم للجفاف ومصدر للغذاء (غيتي)
باستطاعته النمو في البيئات الجافة ولا يحتاج إلى كثير من المياه، ويمكن استخدامه غذاء للإنسان وعلفا للحيوان ومصدرا للوقود ومخزنا للكربون، هذه الخاصيات الفريدة وغيرها قد تجعل نبات التين الشوكي على رأس قائمة المحاصيل الزراعية لمجابهة التغيرات المناخية في المستقبل بحسب دراسة جديدة.
وتتوقع الدراسة المنشورة مؤخرا في دورية "جي سي بي بايو إينرجي" (GCB Bioenergy) لباحثين من جامعة نيفادا رينو (University of Nevada, Reno) أن هذا النبات قد يكون قادرا على توفير الوقود والغذاء في الأماكن التي لم تكن أو لن تكون قادرة على توفير هذه الحاجيات الأساسية بشكل مستدام بفعل التغيرات المناخية.
بفضل خصائصه الفريدة قد يصبح التين الشوكي من أهم محاصيل المستقبل (الجزيرة-الصغير الغربي)
مصدر للماء والغذاء مقاوم للجفاف
الصبار أو التين الشوكي (Opuntia ficus-indica) هو شجيرة يتراوح طولها في المتوسط بين 1.5 و3 أمتار، فروعه (الألواح أو "المجاديف") مسطحة وذات لون أخضر، ويتراوح لون ثماره بين الأصفر والأحمر والأرجواني، ويحتوي على بذور صغيرة.
يعود الموطن الأصلي لهذه النبتة إلى المكسيك، وتنتشر اليوم في العديد من البلدان كدول أميركا الجنوبية ودول حوض البحر الأبيض المتوسط، ويحصي العلماء أكثر من 1600 صنف من الصبار، ويمكن لنبتة الصبار تحمل الجفاف والبقاء على قيد الحياة بأقل من 50 مليمترا من الأمطار في السنة، ولكن من دون نمو ولا إنتاج.
ويمثل متوسط هطول الأمطار السنوي الذي يتراوح بين 100 و150 مليمترا الحد الأدنى المطلوب للنجاح في إنشاء مزارع الصبار البعلي، بشرط أن تكون التربة رملية وعميقة، وهذه الظروف المناخية تتوفر في معظم الدول العربية، لذلك ينتشر الصبار في الكثير منها كدول المغرب العربي ومصر وسوريا والأردن ولبنان وفلسطين.
ثمار التين الشوكي غذاء للإنسان وعلف للحيوانات (غيتي)
وبحسب خبراء منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، فإن التين الشوكي له القدرة على توفير غذاء للإنسان والحيوان، إضافة إلى كونه مصدرا للماء. فإضافة إلى ثماره المعروفة بطعمها اللذيذ وفوائدها الجمة، فإن أوراقه يمكن أن تكون علفا ذا قيمة غذائية عالية بالنسبة للحيوانات.
وإضافة لدوره الغذائي، يخزن التين الشوكي كمية مهمة من الماء في فروعه (الألواح)، وتؤكد الدراسات أن هكتارا واحدا من هذه النبتة يمكنه احتواء ما يقرب من 180 طنا من الماء.
وتتنبأ نماذج تغير المناخ العالمي بأن أحداث الجفاف الطويلة الأجل ستزداد مدتها وشدتها، مما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض مستويات المياه المتاحة.
وفي ظل هذه الظروف المناخية، من غير الممكن مواصلة الاعتماد على مصادر الغذاء الأساسية المعروفة كالأرز والحبوب والذرة، والتي تتطلب كميات كبيرة من المياه ولا تتحمل الحرارة العالية.
مصدر للطاقة الحيوية أيضا
وفي الدراسة الجديدة التي امتدت 5 سنوات، أثبت باحثون من جامعة "نيفادا نيرو" -وفقا لبيان صحفي نشر على موقع الجامعة- إمكانية استخدام ثمار التين الشوكي مادة أولية قابلة لإنتاج الوقود الحيوي ومقاومة التغيرات المناخية، فضلا عن توفير الغذاء للإنسان والحيوان.
وأظهرت نتائج الدراسة أن التين الشوكي كان أعلى إنتاجا للثمار من الذرة وقصب السكر (أهم المحاصيل المستخدمة لإنتاج الطاقة الحيوية)، لكنه في نفس الوقت يستهلك أقل منها بما يصل إلى 80% من المياه، ويتحمل درجة حرارة أعلى، مما يجعله المحصول الأكثر مقاومة للجفاف وتغيرات المناخ.
وبحسب الباحثين، فإن ثمار الصبار تعتبر محصولا دائما للطاقة الحيوية ومتعدد الاستخدامات، فعندما لا يتم حصاده للوقود الحيوي أو للغذاء، فإنه يعمل مخزنا للكربون، ويزيل ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي ويخزنه بطريقة مستدامة.
التين الشوكي مصدر للوقود الحيوي ينافس المصادر التقليدية الأخرى (الجزيرة-الصغير الغربي)
يقول البروفيسور جون كوشمان أستاذ الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية بكلية الزراعة والتكنولوجيا الحيوية والموارد الطبيعية بجامعة "نيفادا رينو"، إن "ما يقرب من 42% من مساحة الأرض حول العالم مصنفة على أنها شبه قاحلة أو قاحلة، وهناك إمكانات هائلة لزراعة نبات الصبار لعزل الكربون".
ويأمل الباحثون -وفقا للبيان- في استخدام جينات التين الشوكي لتحسين كفاءة استخدام المياه للمحاصيل الأخرى ومقاومتها للجفاف، عبر إكسابها إحدى الأساليب التي تحتفظ بها هذه النبتة بالماء، وهي إغلاق مسامها أثناء حرارة النهار لمنع التبخر وفتحها ليلا للتنفس.