المجرات المحيطة بمجرتنا تتخذ شكل الخيوط المتشابكة معا
اصطلاح "الشبكة الكونية" يطلق على الشكل التي تتخذه المجرات وما بينها من غاز وغبار (ناسا)
كشفت خارطة جديدة -توصّل إليها فريق دولي من الفلكيين من الولايات المتحدة والصين وكوريا الجنوبية- عن شكل الكون في المنطقة المحيطة بمجرتنا درب التبانة، والتي ظهر أن المجرات بها تتخذ شكل خيوط متشابكة معا، تتجمع في نقاط أكثر كثافة.
الشبكة الكونية
وبحسب الدراسة، التي نشرت في دورية "ذا أستروفيزيكال جورنال" (The Astrophysical Journal)، وأعلنت عنها جامعة ولاية بنسلفانيا (Pennsylvania State University) المشاركة في الدراسة في بيان صحفي رسمي يوم 24 مايو/أيار الماضي، فإن هذه هي الخارطة الأولى من نوعها في هذا النطاق، حيث عادة ما يحصل العلماء على خرائط للشبكة الكونية في مرحلة مبكرة من عمر الكون، لأنها تكون أقل تعقيدا.
ويطلق اصطلاح "الشبكة الكونية" (Cosmic Web) على الشكل التي تتخذه مجموعات المجرات في الكون، والغاز والغبار الساكن في الفضاء بينها، حيث لا تتوزع بانتظام، وإنما تتخذ هيئة خيوط مترابطة معا وفراغات شبه خالية من المجرات فيما بينها.
في نقط التقاء تلك الخيوط معًا نجد التجمعات المجرية الكثيفة، والتي تحتوي على آلاف المجرات، وفي الخيوط تقل أعداد المجرات بشكل كبير.
هذه هي الخارطة الأولى من نوعها في هذا النطاق (يوريك ألرت)
الذكاء الاصطناعي
ولبناء تلك الخارطة، استعان هذا الفريق بالذكاء الاصطناعي، حيث طوّروا خوارزميات تعتمد على تعلم الآلة، وقاموا بتغذيتها بكم هائل من البيانات عن محيطنا الكوني الآن، بالإضافة إلى عدد من أعمال المحاكاة السابقة لأشكال المجرات في الشبكة الكونية.
بعد ذلك، وللتأكد من صحة النموذج الذي بناه الذكاء الاصطناعي، طبق الباحثون نتائجه على تصنيف شهير للمجرات يدعى "كوزميك فلو-3".
وبحسب الدراسة، فإن هذا التصنيف يحتوي على بيانات شاملة حول توزيع وحركة أكثر من 17 ألف مجرة في محيط مجرة درب التبانة، تقع جميعها في حدود 200 ميغا فرسخ فلكي (الفرسخ الفلكي هو وحدة قياس للمسافات، حيث يساوي الفرسخ الواحد 3.26 سنوات ضوئية).
بناء خارطة دقيقة لمحيطنا المجري سيؤدي إلى فهم أدق لطبيعة لغز المادة المظلمة (ناسا)
أسرار الكون
ولا شك أن بناء خارطة دقيقة لمحيطنا المجري سيؤدي بالتبعية إلى فهم أدق لطبيعة اللغز الكوني الأشهر إلى الآن والمسمى "المادة المظلمة" (Dark Matter)، والتي تمثل 80% من المادة في الكون كله.
لا يعرف العلماء شيئًا عن المادة المظلمة، لكنهم يرصدون أثرها الجذبوي الواضح على النجوم في أطراف المجرات وحينما يقيسون كتل تجمعات المجرات الضخمة. ويظن فريق من العلماء أن لها دورا قويا في تشكيل الشبكة الكونية لتكون بتلك الهيئة الخيطية.
ويعتقد الباحثون في هذا الفريق أنه يمكنهم تحسين دقة خارطتهم الجديدة عن طريق إضافة المزيد من المجرات، خاصة حينما تصدر البيانات الجديدة القادمة من التلسكوب الفضائي المزمع إطلاقه قريبا "جيمس ويب" (James Webb)، الأمر الذي سيعطينا فهما أدق لمحيطنا الكوني، وربما يوما ما نفك شفرات المادة المظلمة.