بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته








أين هم الباحثون عن الله تعالى وجنته عندما خلق عباده البشر وقال لهم: «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ».

“الإنسان عدو ما يجهل”حكمة توضع في صدارة الحِكمْ، فيا ترى كم هي الأشياء التي نعاديها جهلاً منا بها، حيث يعكف الكثير من الناس في المساجد تسبيحاً بحثاً عن ثواب الله تعالى وجنته، وظناً منهم أنهم لا يجدونه إلا فيها لا في أماكن أخرى!

إن الله تعالى لا يحده حد، فهو موجود بعلمه وقدرته وإحاطته في كل مكان، فبمقدورنا أن نجد آيات الله وآثاره في داخلنا وأفكارنا، في نفوسنا وتصوراتنا، في قلوبنا وتحركاتنا، لذا فإننا حتماً سنصل إلى الله تعالى عندما نفكر بفعل الخير دون الشر، وسنصل إليه أيضاً عندما نجعل قلوبنا نظيفة من الحسد والكراهية، وعندما نبتعد عن الغيبة والنميمة والحقد على الآخر.

إن ثواب الله سبحانه وتعالى موجود في كل أعمال الخير عندما نجعلها خالصة له وحده، فهو موجود في برّ الوالدين، وهو موجود عند مساعدة المحتاج، وهو موجود عند زيارة الأرحام، وهو موجود عند إماطة الأذى عن الطريق، وهو موجود عند مساعدة الأيتام، وهو موجود عند محاربة النفس الأمارة بالسوء، وهو موجود عندما نمتنع عن الكلام الذي يجرح الآخرين، وهو موجود في غيرها من أعمال الخير.

قال الإمام السجّاد علي بن الحسين مناجياً ربه: «وأعلم أن الراحل إليك قريب المسافة وأنك لا تحتجب عن خلقك إلاّ أن تحجبهم الأعمال دونك»، إذاً تلك هي حقيقة بأن الله تعالى ليس بعيداً عنا وأن أعمالنا هي التي تجعلنا قريبين منه.

فيا أيها الباحثون عن ثواب الله تعالى في زخرفة المساجد ابحثوا عن ثوابه في بطون الجوعى، وعلى جبين الفقراء، وبين دموع الأيتام، وطوفوا حول ديارهم فما بين أزقتهم تجدون رضا الله عز وجل، وتجدونه في أجساد المشردين، وفي صرخات الأرامل والأيتام، وفي براءة الطفولة التي دمرتها الحروب.

أليس حري بِنَا أن نستشعر الرقابة الإلهية علينا أينما كنّا؟ فهل من الصحيح أن نتوجه إلى الله سبحانه وتعالى عندما نكون في المساجد بينما نغفل عنه عندما نكون في خارجها؟ وهل أن ما تعلمناه من علمائنا الأجلاء ومشايخنا الكرام فقط هو الذي سوف يدخلنا الجنة؟ أم أن الجنة لا يدخلها العباد إلا بالعمل الصالح.

كيف يدخل الجنة من ينظر إلى معاناة الأرامل والأيتام والمحتاجين الذين قست عليهن هذه الحياة
كيف يدخل الجنة من تسبب في خلق الفتن في المجتمع؟! كيف يدخل الجنة من ساعد على نشر الكراهية بين الناس في المجتمع؟! كيف يدخل الجنة من يلبس الثوب الأبيض أمام الناس ثم يغير لونه عندما يكون بعيداً عنهم حين لا يراه أحداً منهم إلا الله تعالى؟!

كثيرون سيكتشفون لكن بعد فوات الأوان أن الجنة وسعها السموات والأرض ولا أبواب لها إلا العمل الصالح، قال تعالى: «فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ» والله خير العادلين.