"أولئك الذين يتمنون موتي" يعيد أنجلينا جولي إطفائية تصارع لإنقاذ طفل
"أولئك الذين يتمنون موتي" فيلم حركة وإثارة أميركي، لم يضع فيه الوقت من المخرج تايلور شيريدان في المزج بين الإثارة والشخصية المعقدة.
عودة نجمة هوليود أنجلينا جولي بفيلم حركة يحبس الأنفاس (مواقع التواصل الاجتماعي)
أنجلينا جولي وجه مخصص للسينما، حسب ما ترى الناقدة السينمائية شيلا أومالين حيث إن "قوة نجمة جولي هي قوة الطبيعة، وهي قوة تستطيع استخدامها لإحداث تأثير كبير". فقد تناوبت بين الدراما الجادّة وأفلام الحركة، فكانت أكثر نجمات هوليود إثارة للاهتمام، وجذبت أكبر عدد من الجماهير، وسيطرت على أنواع متقاطعة من الأعمال بطريقة لم ينجح فيها إلا عدد قليل من الممثلات.
وبعد مرور بضع سنوات على تقديمها آخر فيلم حركة، يُنتظر انضمامها إلى عالم مارفل السينمائي في شخصية تينا في فيلم "أبديون" (Eternals) الذي سيصدر في أواخر العام الحالي، من إخراج كلوي جاو الحاصلة على أوسكار أفضل إخراج هذا العام.
ولكن المخرج الأميركي تايلور شيريدان اختار أن يعيد البهاء للشاشة بإطلالة أنجلينا جولي، تصاحبها الطبيعية المتميزة، ليمنحها أكثر من فرصة لإثبات نفسها، وهي تواجه مخاطر غير متوقعة في فيلم حركة شرس "أولئك الذين يتمنون موتي" مقتبس من رواية مايكل كوريتا، الأكثر مبيعا عام 2014.
لم يضيع وقتا
"أولئك الذين يتمنون موتي" (Those Who Wish Me Dead)، فيلم حركة وإثارة أميركي، لم يضع فيه الوقت من المخرج تايلور شيريدان السيناريست المعروف بموهبته في رسم الضربات الجريئة، والمزج بين الإثارة المشدودة ودراسات الشخصية المعقدة، كما في "هيل أور هاي واتر" (Hell or High Water ) 2016، و"سيكاريو" (Sicario) 2018، إذ عمل على دمج روايات متعددة على مدى ساعة و40 دقيقة، وذلك في قصة مراهق يجد نفسه مطاردا بعد أن شاهد جريمة قتل في برية مونتانا، وخبيرة نجاة مكلفة بحمايته وإنقاذه، وحريق غابة ضخم يهدد بإهلاكهم جميعا.
يبدو الفيلم كأنه عودة إلى أفلام الكوارث في السبعينيات، مثل "مغامرة بوسيدون" (The Poseidon Adventure) 1972، أو "الجحيم الشاهق" (Towering Inferno) 1974، حيث يكون الحدث الرئيس هو "الكارثة" التي تتكشف حولها الشخصيات.
وفيه نلتقي هانا فابر (أنجلينا جولي)، واحدة من العاملين في الإطفاء الجريئين الذين ينزلون بطائرات مروحية وسط الغابات المحترقة، غاضبة ومثيرة للسخرية ومطاردة لماضيها، تعيش بشق النفس، وتسيطر عليها رغبة الموت لكنها تبدو أكثر جنونا، إلى درجة أنها أخفقت في آخر تقييم نفسي لها، بعد فشلها في التعامل مع حرائق غابات خطرة أدت إلى وفاة 3 أطفال، فخفضت رتبتها إلى مجرد مراقبة لأحد أبراج النار، حيث تقف كبؤرة استيطانية وحيدة وسط الغابة لمراقبة الطقس، يهزها اضطراب ما بعد الصدمة.
بعيدا عن الغابة
وقبل ملحمة الغابة، يبدأ الفيلم بصورة خشنة إلى حد ما، وهو يقفز بين سلاسل جبال مونتانا وساحل فلوريدا، ممهدا الطريق للعنف التالي. فنرى أوين (جيك ويبر) "محاسب شرعي" يهرب من فلوريدا مع ابنه الصغير كونور (فين ليتل)، عندما يدرك أن "الأشرار" يريدون قتله لكشفه عن مصادر مالية سياسية مشبوهة لمصلحة المدعي العام.
أما الأشرار فهما جاك (أيدان جيلن) وباتريك (نيكولاس هولت)، شخصان لا يدور في ذهنيهما شيئا سوى الجوانب الفنية للقتل، يبدوان في بدلاتهما السود وشارات إنفاذ القانون المزيفة أفظع ثنائي يمكن تخيله من القتلة "النظيفين" بدم بارد، لديهما قليل من القلق إزاء قتل المارّة، فهما قوة لا هوادة فيها وغير إنسانية مثل حرائق الغابات التي تشتعل لأسباب غامضة.
وبعد أن يكتشفا بطريقة أو بأخرى أن أوين ربما يتجه إلى براري مونتانا للاختباء مع صهره، يتتبعانه في مطاردة ساخنة تنتهي بالصبي "كونور" في وسط الغابات، خائفا ووحيدا ويائسا من الحصول على المساعدة.
ليأتي دور هانا المنعزلة في برج النار في وسط اللامكان بعد مرور 40 دقيقة تقريبا، لتعود إلى العمل، عبر عدد من تسلسلات الحركة الفعالة، طوال اندفاعها مع كونور إلى الجري للنجاة بحياتهما من القتلة الذين يشعلون حريقا هائلا لإحداث الفوضى، في سلسلة متوالية من المواجهات المفاجئة التي لا ترحم ولا تنتهي إلا بالحياة أو الموت.
وصفها الناقد بن كينيغسبيرغ بأنها "معركة بين الظلام الثقيل في صورة قتلة سريعي التفكير، والفضيلة الكاملة، حيث تكافح هانا وكونور للوصول إلى الأمان، ثم التراجع، ثم الركض مرة أخرى"، حتى يجبر "كونور" "هانا" على تغيير منظورها، والتوقف عن تدمير ذاتها، واختيار الحياة.
رهبة الطبيعة
ومن خلال الصور المذهلة والطريقة التي تضفي التوتر على القصة، تعامل شيريدان ومصوره السينمائي بن ريتشاردسون مع البيئة الطبيعية بإحساس من الرهبة جسّد القوى العاملة ضد الشخصيات، وأظهر أفضلها في الطريقة المرعبة التي تعمل بها الحرائق، وتزيد سرعتها، بخاصة على منحدرات الأرض، والنيران العالقة في السماء، التي تأكل كل شيء في طريقها، ثم التلال الخضراء المتدحرجة، وتدفق المياه عبر الجداول الزرقاء البلورية، في تجاهل للرعب عند أطرافها، والانغماس في جمال هذه اللحظات التي تصور قوة الطبيعة وهشاشتها في مواجهة الدمار البشري.
ليتشابك هذا الجمال مع بعض مشاهد الحركة، حيث تعمل الطبيعة والأشخاص الآخرون في كثير من الأحيان ضد الشخصيات، وهو ما يجعل الفيلم ناجحا في دفعنا للاهتمام بالشخصيات وهي في قلب الجحيم.