توم باتشلور
ترجمة: أنيس الصفار
ابتكر العلماء الباحثون عن بدائل تحل محل البلاستيك الملوث للبيئة مادة جديدة قابلة للتحلل مشتقة من مخلفات الاسماك التي ترمى عادة،هذه المادة يمكن استخدامها في صناعة منتجات تشمل مواد التغليف والملابس.
يقول الباحثون الكنديون الذين توصلوا الى هذا الابتكار ان رؤوس الاسماك وعظامها وجلودها واحشاءها، التي يكون مصيرها أكياس القمامة، يمكن تحويلها الى مادة مفيدة تحل محل مواد بولي يوريثان المستخرجة من النفط الخام والموجودة في كل شيء حولنا؛ من الاحذية والملابس الى الثلاجات ومواد البناء.
مواد بولي يوريثان هذه لها ما يسمى «وطأة قدم كاربونية» كبيرة وهي بطيئة التفكك والتحلل بيد ان فريق البحث، الذي تتولى قيادته «فرانشيكا كيرتون» من جامعة «نيوفاوندلاند»، وجد ان البلاستيكات المشتقة من دهن السمك يمكن أن توفر حلاً صديقاً للبيئة وفي الوقت نفسه تعالج مشكلة نفايات مصانع الاغذية.
في الماضي سبق أن توصلت بعض الدراسات الى تطوير طرق لانتاج مواد بلاستيكية من مخلفات الاسماك، ولكن البحث الاخير هذا يمضي الى شوط ابعد فيحدد كيف تتحول هذه المواد بسهولة وتتحلل في نهاية حياتها بعد الاستخدام.
لغرض إنتاج المادة الجديدة، استخدم الباحثون الزيت المستخلص من قطع سمك السلمون المتبقية بعد إزالة اللحم واستهلاكه كطعام بشري، بعد ذلك طوروا طريقة لتحويل زيت السمك الى بوليمر شبيه بمادة البولي يوريثان (البوليمر مركب ذو وزن جزيئي عال مكون من وحدات مكررة وهو من حيث الاصل قد يكون مادة عضوية او غير عضوية، طبيعية او اصطناعية – المترجم)، في البداية اضاف الباحثون عنصر الأوكسجين الى الزيت على نحو متحكم به لإنتاج ما يسمى الإيبوكسايد، وهي جزيئات مشابهة لجزيئات راتنج الإيبوكسي.
نمو مايكروبي
بعد ذلك أضيف ثاني أوكسيد الكاربون الى الإيبوكسايد فنتجت عن ذلك جزيئات تم جمعها بمركبات كيميائية أمينية حاوية على النتروجين لتنتج من ذلك كله المادة الجديدة التي نتكلم عنها.
تقول السيدة كيرتون: «من المهم أن نبدأ بتصميم مواد بلاستيكية ذات عمر محدد تنتهي بعده حياتها، سواء بالتحلل الكيمياوي الذي يعيدها الى ثاني اوكسيد كاربون وماء، أو من خلال إعادة التدوير وإحالتها الى غايات واستعمالات أخرى.»
تضيف كيرتون: «عند بدء العمل بزيت السمك تكون هناك بقايا خفيفة من رائحة السمك، إلا ان هذه الرائحة تتلاشى مع تواصل الخطوات.»
منذ الصيف الماضي كان فريق البحث يجرب انواعاً من المؤثرات على العملية في محاولة لتسهيل تحلل هذا البلاستيك المشتق من دهن السمك او التعجيل به وتشير النتائج الى ان المادة الجديدة قد تكون مهيأة للتحلل في اي وقت عند الحاجة.خلال احدى التجارب تم غمس قطع من البلاستيك الجديد بالماء بينما غمست أخرى بانزيم اللايبيز لفترة، وهو انزيم يحلل الدهون الموجودة في زيت السمك.
تحت المجهر، رأى الباحثون مواقع نمو مايكروبية ظهرت على مختلف العينات، حتى تلك التي وضعت في ماء عادي. هذه النتائج قدمت دلالة مشجعة على ان المادة الجديدة قابلة للتحلل الحيوي على الفور بتوفر الظروف.
تقول السيدة كيرتون و»ميخائيلي ويلر»، وهي باحثة أخرى في المشروع، انهما تعتزمان دراسة الكيفية التي يمكن من خلالها مستقبلاً إيجاد استخدامات للمادة الجديدة في العالم الواقعي، مثل التغليف أو ألياف النسيج لصناعة الملابس.
تقول السيدة ويلر: «من المثير أن ننجح في صنع شيء مفيد قد يغير طريقة صناعة البلاستيك من النفايات التي يرميها الناس».
تصنع مواد البولي يوريثان التقليدية من خام النفط والفوسيجين، وهو غاز سام، وتنتج عن العملية مادة آيزوسيانيت، وهي مخرش قوي للعينين والقناة الهضمية وجهاز التنفس ولها علاقة بنوبات الربو الشديدة. بالاضافة الى ذلك فإن الناتج النهائي لا يكون قابلاً للتحلل بسهولة في البيئة، وحتى التحلل البسيط الذي يحدث تنتج عنه مواد مسرطنة.
في بحوث سابقة تمكن الباحثون من انتاج مواد البولي يوريثان من الزيوت النباتية بدلاً من البترول، ولكنهم وجدوا ان تلك المواد ايضاً لم تخلُ من جانب سلبي لأن المحاصيل المستخدمة لها، وهو فول الصويا في اغلب الاحيان، يتطلب أرضاً وموارد ونفقات