حينما نستذكر الرموز الابداعية النسوية في جميع مجالات العلم والحياة، فأننا بذلك نرد لهن جزءا يسيرا «من الشكر والعرفان لما أغنت بحوثهن واجتهادهن في مسيرة العمل الفكري والاجتماعي والطبي والادبي وغيرها في قضايا المجتمع وكن ثروة بشرية يشار اليهن في كل محفل، بما امتلكن من طاقة وابداع سجلها التاريخ بحروف من نور لم يأفل ابدا».

ورباب محسن الكاظمي واحدة من الاسماء الادبية والعلمية اللامعة، التي برزت في مختلف فنون العلم والادب، هي ابنة الشاعر عبد المحسن بن محمد بن علي بن محسن النخعي
الكاظمي، ولدت في القاهرة في 22 (اب) 1917 وهي اديبة وشاعرة وطبيبة عراقية رائدة مشهورة من رائدات النهضة العلمية – الادبية. امها السيدة عائشة بنت المجاهد التونسي محمود احمد الحسين، الذي فر من ظلم الفرنسيين ولجأ الى مصر، توفيت والدة رباب واهتم المجاهد عبدالمحسن الكاظمي بتربية ابنته وهي في العاشرة من عمرها فكان استاذها الاول، اذ شجعها على نظم الشعر وهي صبية حتى خشي عليها من عدم الاهتمام بدروسها وان تتجه الى الشعر، فأخذ منها عهداً ألا تقترب من الشعر حتى حصولها على اجازة
علمية.

استقبال مهيب
وجهت الى الدكتورة رباب الكاظمي دعوة رسمية من الحكومة العراقية اثناء تولي ياسين الهاشمي دفة الحكم ووصلت الى بغداد لحضور الحفل التأبيني لاربيعية والدها الشاعر عبدالمحسن الكاظمي، وكان في استقبالها عدد من النساء تتقدمهن ابنة رئيس الوزراء ياسين الهاشمي، وفي اول زيارة لها واثناء وصولها قامت بزيارة الامامين الكاظميين عليهما السلام، ثم ذهبت لزيارة اهلها وذويها من آل الكاظمي واثناء تواجدها في الكاظمية وجهت لها الدعوة لزيارة مدرسة البنات في الكاظمية (دار المعلمات)، إذ احتفت بها المدرسات والطالبات، ثم قصدت وزارة المعارف فزارت الشيخ محمد رضا الشبيبي وزير المعارف آنذاك والدكتور محمد فاضل الجمالي مدير المعارف العام وقتها، واقيمت لها مأدبة ضخمة من قبل ابنة رئيس الوزراء. وقد حصلت على الجنسية العراقية اثناء تواجدها في بغداد.
وفي 1 اذار 1935 أقيم الحفل التأبيني الكبير لوالدها شاعر العرب عبدالمحسن الكاظمي، اذ اشترك فيه شعراء العراق آنذاك امثال الشاعر معروف الرصافي والزهاوي ومحمد علي اليعقوبي وغيرهم من كبار ومشاهير الشعراء، والقت الدكتورة رباب الكاظمي كلمتها بلهجة عراقية، بالرغم من أنها ولدت وعاشت في مصر وتلقت العلوم في مدارسها.
وبعد انهاء حفل التأبين قررت العودة الى القاهرة وودعت في المطار توديعاً كبيراً.
متطوعة
لم تتخرج رباب الكاظمي في الثانوية، مما دعا الحكومة العراقية وقتها الى الالتفاف حولها والحاقها بالبعثة العراقية المتواجدة هناك، وقرر مجلس الوزراء العراقي مساعدتها واكملت دراستها الثانوية، ثم سافرت الى باريس لاكمال دراستها وتخرجت في كلية طب الاسنان بباريس العام 1950 وكانت قبل ذلك قد تزوجت من الدبلوماسي العراقي حكمت احمد الجادرجي، أحد اعضاء السفارة العراقية في مصر، وانجبت منه ابنها عبدالمحسن ثم عادت الى العراق العام 1954 م برفقة زوجها، الذي عين مدير عام الدائرة العربية بديوان وزارة الخارجية العراقية، وعينت هي في مستشفى الطلاب ببغداد، واصبحت رئيسة قسم طبابة الاسنان في صحة المعارف العراقية. ثم انتقلت مع زوجها الى تونس العام 1956 وقد قامت بالتطوع لعلاج جرحى الثورة الجزائرية ولمدة (4) سنوات، ثم عادت لبغداد العام 1962، فأصبحت طبيبة في مستشفى الطفل العربي، وقامت بكتابة البحوث والدراسات الطبية، فضلا عن كونها طبيبة وشاعرة هي ايضا رسامة
ماهرة وقد شاركت بعدة معارض فنية وبيعت لوحاتها في المعارض العالمية آنذاك.
توفيت الدكتورة رباب محسن الكاظمي في لندن العام 1999. بعد أن أغنت الساحة العلمية والادبية بإنجازاتها الثقافية والطبية.