نعم يقال للمرأة: داعية، بل هذا الوصف من حيث هو خاص بها؛ لأن حرف التأنيث لها لا للرجل، كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه: «والمرأة في بيتها راعية» ولكنّ الرّجل سلبها هاء التأنيث هنا؛ لأن عمل الداعي في الأصل مما يعمله الرجل، واستحق الهاء؛ لأنه قام مقام نفسه ومقامها، فأخذ وصفه ووصفها، وهذه الهاء للمبالغة كما نقول: فلان راوية، وداهية، وباقعة، وكهمزة، ولمزة، وضحكة، وسُخرة، وطُلَعه، لكثير الهمز واللمز، والضحك، والسخرية، والاطلاع، وكقولهم: فلان علاّمة فهّامة، غير أن المبالغة فيه من جهتين، الأولى: الصيغة؛ لأنه على وزن «فَعَّال» والثانية: الهاء، والأصل أن هذه الهاء التي تدخل على الوصف المذكر لا تكون إلا في شأن من شؤون الرّجل، هذا هو الواقع الذي بنيت عليه اللغة، كما أن المرأة استغنت عن هذه الهاء، وسلبت معنى ما دخلت عليه لِما اختصت به دون الرجل، فقيل لها أو عنها: حائض، وحامل، ومرضع، وطالق، وقاعد، ولا يقال عنها: حاملة، ومرضعة، وطالقة، و قاعدة إلا على معانٍ أخرى وصفات عارضة قد يشترك فيها الرجل.. واعلم أن لفظ «الداعية» بالمعنى المعروف اليوم وصف حادث صار إطلاقًا عرفيًا خاصًا بالمسلم الداعي إلى الخير، وكان له إطلاقات، منها: الداعية إلى بدعته،
وأما إن كان السؤال عن إطلاق «داعية» على المرأة في الشرع، فليس في الشرع ما يمنع من ذلك بما يناسبها، ولكن الدعوة بالنسبة لها عرض، وبالنسبة للرجل المؤهل فرض، وليس لها أن تكون في دعوتها «رَجُلَة!» تتشبه ببعض دعاة الرجال في صوتها وحركتها وجرأتها وتخرج من ثوب أنوثتها وطبعها حتى يظن من يراها أنها رجل في ثوب امرأة.. ومِرآة العصر وامرأته تعكس لنا منها عليها شواهد.
الخلاصة :
يقال للمرأة : داعية بالهاء ، وهي أحق بها وأهلها ، وهذه الهاء فيها للتأنيث وفي الرجل للمبالغة .