الشيخ عبيدالله النهري
أول من أعلن مبدأ الدعوة إلى توحيد الكورد وإنشاء كوردستان ، وقاد ثورة ضد العثمانيين والإيرانيين في القرن التاسع عشر، هو عبيد الله الشمزيني من كوردستان الشمالية التي أصبحت تابعة لتركيا بعد ذلك، لقب بالنهري نسبة إلى منطقة نهري التي ينتسب إليها، وهو عالم ديني ومرشد للطريقة النقشبندية
برزت زعامة الشيخ عبيد الله مطلع السبعينات من القرن التاسع عشر ، عندما رفض اكراد فارس دفع الضرائب الى الحكومة الفارسية متذرعين بأنهم يدفعونها الى الشيخ عبيد الله بموجب امتياز كان والده قد حصل عليه من شاه فارس عام ١٨٣٦ . وقد جردت فارس حملة عسكرية ضده جعلته يستنجد بالدولة العثمانية ). يجب ان نذكر ان الشيخ طه كان يملك عددا من القرى في سهل( مه رگه ڤه ر وته رگه ڤه ر ) لكن الشيخ عبيد الله زاد من عدد القرى فكان يحوز على ما يربو عن ٢٠٠ قرية .، ولذلك كان الشيخ يريد ان تستقر الأوضاع في ظل حكومة عادلة حتى تتطور المنطقة وتزدهر التجارة بالقضاء على المهربين وقطاع الطرق وهو أمر لم يكن باستطاعة الدولتين العثمانية والايرانية إتمامه . وتبين الوثائق البريطانية ان الشيخ عبيد الله أقدم على شراء الاراضي الزراعية في (( گه ڤه ر وباشقالا ومرگه ڤه ر وتر گه ڤه ر )) بغية تحسين معيشة المواطنين وتشغيل اكبر عدد منهم في الزراعة وقد اقترح على الدولة الايرانية تأجير سهول ( مرگه ڤه روبرادوست ) ومقابل مبلغ سنوي ولنفس الغرض وبغية القضاء على السرقات واعمال اللصوصية . وقد أوفد نجله عبد القادر الى ايران ، لكن السلطات الايرانية التي كانت تحصل على المنافع وتشارك اللصوص امتنعت عن تأجير الاراضي اليه فكان ان هدد باجتياح المنطقة للقضاء على اللصوص . كان الشيخ وهو يرأس الطريقة الصوفية يؤمن بالعدالة والمساواة ويؤمن بوجوب محاربة الظلم والحكام الفاسدين، إذ ان الطريقة ترتكز على مبدأ رفض الظلم والمساواة بين الناس، كل الناس ، مهما كانت اد
يانهم او اعراقهم او مذاهبهم لأنهم خلق الله وبشر متساوون في الحقوق والواجبات ،وان كل الشرائع هي للتعرف على الله .تشير المصادر ان اغلب محصول التبغ في هكاري كان يعود للشيخ عبيد الله وكان يصدر الكثير منها الى اوروبا ، انه كان ينافس في إنتاج التبغ الشركة الفرنسية ( ريژي )
بدأ النهري عام 1877م الإعداد العلني لثورته ضد السلطات العثمانية والإيرانية، وتحرير الكورد مما يوصف بالاضطهاد والتمييز الذي كان يمارس ضدهم من قبل السلطتين.
وعقد في شمزينان عام 1880 مؤتمرا حضره حوالي 220 زعيما كرديا، وطلب من المؤتمر إقامة اتحاد بين العشائر الكوردية، والإعداد للثورة ضد الدولة العثمانية والإيرانية، وطلب من بريطانيا عن طريق القنصل في الأناضول الدعم الدولي لقضية كوردستان مع إعطاء ضمانات للحقوق المسيحية.
تنبه النهري لمحاولة تركيا خلق فتنة بين الكورد والأرمن لإضعاف موقفه، فسعى إلى توطيد الصداقة مع الأرمن وعين أرمنيا مستشارا للأمور الخارجية لديه.
اندلعت ثورته المسلحة عام 1880 في كوردستان الشمالية الغربية على الحدود التركية الإيرانية، وانتشرت ثورة النهري بسرعة واستطاعت قواته السيطرة على أغلب مناطق ومدن كوردستان الإيرانية، وأنشأ فيها دوائر كوردية رسمية للإدارة المحلية.
أرسلت تركيا جيشا لمساندة الجيش الإيراني في إخماد ثورة الكورد بناء على اتفاق مسبق بين البلدين، لكن قوات النهري استمرت في تقدمها، وعندما اقتربت من مدينة تبريز طلبت إيران مساعدة الحكومتين الروسية والإنجليزية، فأرسلت روسيا جيشا لمساعدة القوات الإيرانية في إخماد الثورة الكوردية.
حاصرت الجيوش الإيرانية والتركية والروسية القوات الكوردية من جميع الجهات، واستطاعت السلطات التركية اعتقال النهري وأسره في إسطنبول حيث عاش فيها بصفة "أسير فخري" ثم نفي عام 1883 مع مائة عائلة كوردية إلى المدينة المنورة وتوفي فيها عام 1888.