Sat, Feb 16, 2013
في عيد الحب.. لماذ يلجأ الفلسطينيون إلى مكاتب التزويج؟
بدأ مكتب التزويج في بلدة بيرزيت شمالي مدينة رام الله في العمل منذ نحو عامين
تسلل عبر الانفاق ليتزوجها.. شاب صيني تزوج بفتاة من غزة
العروسان عند معبر رفح
بي بي سي - غزة
لم تكن ايمان ابو سبيتان وهي شابة فلسطينية تبلغ من العمر 25 عاما تتخيل يوما ان فارس احلامها سيأتي من الصين، فهي تعيش في بلدة دير البلح بوسط قطاع غزة الذي تسيطر عليها حركة حماس، ويرزح تحت وطأة حصار اقتصادي اسرائيلي منذ ست سنوات.
القصة تعود للعام 2010، عندما زار شاب صيني القطاع ضمن وفد تضامني صيني مع المحاصرين في غزة، وكان يتقن اللغة العربية فقد عمل كمترجم في ذلك الوقت واطلق على تفسه اسم موسى، وحينها التقى بإيمان ونشأت علاقة بينهما نمت وتطورت عبر الانترنت حتى بعد عودته الى بلاده.
وتقول ايمان انها لمست في موسى مشاعر صادقة واكتشفت ايضا انه مسلم ويحفظ القرآن، "وكان كثيرا ما يرفع من معنوياتي ويخفف عني لا سيما عندما كنت اتكلم معه عن الواقع الذي نعيشه في غزة."
وتقول ايمان ان موسى طلب الزواج منها، وقد اكدت له ان هذا الامر يبدو مستحيلا فكيف يمكن ان يزور غزة مرة اخرى وكيف يمكن ان تقنع اهلها بزواجها من شخص ليس فلسطينيا او حتى عربي.
لكن موسى كان مصرا على قراره وكان يقول دائما ان اي انسان يمكن ان يحقق حلمه لو كان يملك الارادة والايمان.
وبحسب مقربين من موسى، فقد قرر في نوفمبر الماضي، أن يزور غزة، وقد سافر بالفعل من الصين الى مصر، وانتقل الى منطقة الحدود بين مصر وغزة، وتم تهريبه عبر احد انفاق التهريب الممتدة تحت الحدود حيث كان اصدقاؤه في انتظاره في الجانب الفلسطيني، وعلى الفور قاموا بترتيب موعد مع والد ايمان وقام بزيارته وطلب منه يدها.
وتقول ايمان ان والدها لم يكن موافقا تماما على هذا الزواج لكنه وامام اصرارها وما لمسه من شجاعة موسى وقدومه الى غزة وتحديه لكل الصعوبات وافق على طلبه، وقال لها انها الان في عمر يسمح لها بتحمل المسؤولية.
وأقيم حفل الزفاف في احد ازقة بلدة دير البلح، ورقص موسى مع جيران ايمان واقربائها حتى الصباح على انغام الموسيقى التراثية وعلى اصوات الطبل والناي، واستقل سيارة وجلست هي الى جانبه بثوب زفافها وتجولوا في شوارع غزة الصغيرة وهم يطلقون العنان لبوق السيارة تعبيرا عن انتصارهم.
الطريف في الامر، أنني علمت بهذه القصة عن طريق الصدفة، فخلال شهر نوفمبر شنت اسرائيل عملية عسكرية على قطاع غزة لمنع الفصائل الفلسطينية من اطلاق الصواريخ على اراضيها، وقتل ما يقارب من 200 فلسطيني، في ذلك الحين كان موسى وايمان يقضيان ليلتهما الاولى في احد فنادق غزة عندما بدأت الطائرات الاسرائيلية بقصف عشرات الاهداف في مناطق غزة بشكل عنيف.
موسى امضى ليلتين من ليالي الحرب الثمانية، قبل ان تنجح الاتصالات في ترتيب مغادرتهما عبر معبر رفح البري، هناك قامت احدى صديقات ايمان وهي مدونة شابة، بتوثيق اللحظات الاخيرة لهما في منطقة المعبر، وتحدثت مع موسى وسجلت كلماته بكاميرتها الصغيرة، وهي تسأله ما هو شعورك تجاه ايمان فقال وهو يضحك "أنا احبها، وكما يقول المثل الصيني اين قلبك يطمئن فجسمك يطمئن وانا مرتاح جدا لكل ما حصل..".
وحول تجربته التي خاضها في غزة يقول موسى: "لقد كنا نسمع اصوات الطائرات والصواريخ من غرفتنا في الفندق نحن كشعب صيني وحتى الفلسطينيين نحب السلام ولا نحب الحرب نحن نكره الحروب..".
وتقول ايمان وهي تجلس على بوابة المعبر بانتظار السماح لها بمغادرة القطاع انها تعلمت كثيرا عن الاكلات الصينية، وكيف تستخدم الاعواد الصينية في الاكل، وتقول انها ستحاول ان تنقل الثقافة الفلسطينية والمأكولات الفلسطينية الى الصين، بل انها تفكر مستقبلا في افتتاح مطعم في الصين لاعداد الاكلات الشامية والفلسطينية.
موسى امسك الحقيبة بيد وامسك بعروسه باليد الاخرى وسار باتجاه البوابة الاخيرة من المعبر، وكانت ايمان تلوح بيدها لاهلها وهي تذرف الدموع، وتقول ان الحب الصادق لا يعرف الحواجز ولا الحدود ولا يعرف الجغرافيا انه اقوى من كل شئ.
في عيد الحب.. لماذ يلجأ الفلسطينيون إلى مكاتب التزويج؟
بدأ مكتب التزويج في بلدة بيرزيت شمالي مدينة رام الله في العمل منذ نحو عامين
حالات الزواج التي يرتبها المكتب تتوج بالنجاح في معظمها
بي بي سي - رام الله
ويقدم المكتب خدمة التزويج للشباب والشابات الباحثين عن شريك الحياة، مقابل تلقي صاحب المكتب مبلغا رمزيا من المال، إذا نجح التعارف وانتهى بالزواج.
الشاب الفلسطيني محمد دار مصلح، البالغ من العمر خمسة وعشرين عاما، توجه منذ نحو شهرين، باحثا عن فتاة أحلامه، إلى مكتب التزويج في بلدة بيرزيت، وهو الأول من نوعه في الأراضي الفلسطينية.
حاول محمد جاهدا العثور على الفتاة التي يحلم بها لتكون رفيقة دربه في المستقبل دون جدوى، ولذلك توجه إلى مكتب التزويج الفلسطيني.
ويبدو أن لدى محمد بعض الشروط المميزة لشريكة حياته.
خلال مقابلتنا له التي تمت في داره قال لنا: "شرطي الوحيد في شريكة حياتي أن تكون يتيمة. فمن القصص المحيطة بي -سواء من الأقارب أم الأصدقاء- عرفت أن مصدر المشاكل دائما بين الأزواج يعود إلى الأهل".
وأشار محمد إلى أن غالبية أصدقائه وأقاربه نصحوه بالتوجه إلى مكتب التزويج في بلدة بيرزيت وأكدوا له إمكانية تعرفه على فتاة أحلامة من خلال مكتب التزويج هذا .
يعتمد صاحب مكتب التزويج الفلسطيني، أمين عبد الهادي، الملقب بأبي حمودة، على شبكة علاقاته الواسعة، وسمعته الحسنة بين الناس في عمله، وتعريف الأزواج من الشباب والشابات، بعد التأكد من مناسبة أحوالهم بعضهم بعضا.
ويؤكد عبد الهادي أنه يعمل بشكل جدي لمساعدة العائلات الفلسطينية على تزويج أبنائهم وبناتهم. وأشار الى أن معدل التزويج بين المتقدمين لمكتبه مرتفع، حيث ينجح بشكل شهري في تعريف وتزويج نحو خمسة فلسطينيين من مختلف المدن والقرى في الضفة الغربية.
وأضاف عبد الهادي لبي بي سي "عملي يعتمد على الأمانة والمصداقية، وأنا لا أتعامل إلا مع الجادين في البحث عن شريك الحياة".
وقال "بعد دراسة مواصفات كل شاب وشابة، ومعرفة مطالب كل طرف، أعمل على التواصل مع ولي أمر الشاب والشابة، وأرتب موعدا للقائهما، وأطلب من الوالدين السماح للشاب والشابة بالجلوس معا بحضورنا، والتعرف بشكل مبدئي على بعضهما البعض. وعندها يتم معرفة القبول أو الرفض. الحالات التي انتهت بالرفض قليلة. معظم من تعرفوا على بعضهم من خلال المكتب تكللت قصصهم بالزواج".
ويقدم عبدالهادي كذلك في مكتبه المتواضع، متطلبات المناسبات العائلية والأفراح، إلى جانب مهنة قد تعتبر من أصعب المهن، سيما وأنه يبحث عن شريك الحياة لكل من تقطعت بهم السبل لتحقيق ذلك.
معدلات الانفصال
تعد نسب الانفصال في المجتمع الفلسطيني، وبحسب أهل الاختصاص وعلم الاجتماع، من أقل النسب بالمقارنة مع معدلات الانفصال في المجتمعات العربية.
إذ يبلغ معدل سن الزواج في الأراضي الفلسطينية للإناث 22 عاما. وللذكور نحو 24 عاما، وبحسب أرقام مركز الإحصاء الفلسطيني الأخيرة فأن نسب الطلاق في منطقتي طوباس في الضفة الغربية، ورفح في قطاع غزة، هما الأقل فلسطينيا.
ويرجح المختصون في علم الاجتماع أن معدل سن الزواج سيرتفع، مما قد يزيد من نسب العنوسة في المجتمع الفلسطيني.
وقال أباهر السقا، رئيس دائرة علم الاجتماع والإنسان، في جامعة بيرزيت لبي بي سي "في اعتقادي، سيزداد معدل سن العنوسة، خلال السنوات العشر المقبلة، بسبب ارتفاع سن الزواج لدى الإناث والذكور، وهو الآن تقريبا مع سن 24، أي سن التخرج في الجامعة.
وهذا الأمر سيرافقه تغير في عجلة الحياة والدورة الاقتصادية، ونظرة الناس لعمل المرأة ومشاركتها في المجتمع، وهذا بالتأكيد سيغير من أنماط الزواج والالتقاء بين الأفراد، ويعزز دور البحث عن شريك الحياة خارج الإطار التقليدي".
وأشار السقا إلى أن العولمة تؤثر في المجتمع الفلسطيني تماما، كما تؤثر في بقية المجتمعات في العالم، وأن ذلك سيؤدي في نهاية الأمر، إلى اختلاط مجموعات اجتماعية جديدة في المدن الفلسطينية الكبرى الآخذة في التوسع، وخروج الفلسطينيين عن الدوائر التقليدية في علاقاتهم الاجتماعية.
وأضاف السقا "نسب الطلاق في المجتمع الفلسطيني قد تزيد نتيجة تغير نظرة المجتمع للانفصال وللمرأة المطلقة، ودعم المجتمع لتعليم المرأة وانخراطها في الحياة العملية، وأخذها لزمام الأمور. قد لا يعجب حديثي هذا البعض في المجتمع الفلسطيني، لكننا كجزء من هذا العالم سترتفع لدينا نسب الطلاق والانفصال، كما هو الحال عالميا".
ويخضع الحفاظ على الوحدة الأسرية في المجتمع الفلسطيني، من وجهة نظر البعض، للضغط العائلي والتدخل الأسري الذي لا يحبذ الانفصال، ويجبر المرأة أو الرجل، على الاستمرار في الحياة الزوجية.