ما خرج عن القياس، أي: ما خرج عن القاعدة، والقياس قسيم السماع؛ لأن كلام العرب من كثرته لا يحصر، واللهجات مختلفة، فمن النظائر ما يجمعه قياس واحد ولا يخرج منه شيء، كضم أول المضارع إذا كان ماضيه رباعيًّا، فهذا قاعدته مطّّردة ولا يشذّ منه شيء، ومن النظائر ما يجري عليه القياس إلاّ أنه لا يطّرد، فيسمع عن العرب ما يخالفه فيكون شاذًّا، أي : خارجًا عن القاعدة، ويكون الشاذُّ على أقسام بعد ذلك، فمنه ما يكون بزيادة وجه في الكلمة مخالف لما قيس عليه كـ(حسِب يحسِب) بكسر السين، والقياس الفتح، ومنه ما يكون مستقلاً بذاته، وليس فيه إلاّ وجه واحد، كـ(استحوذ) قياسه: استحاذ، ولكنه لم يُسمع إلاَّ بالواو، ويُروى عن عمر أن قرأ (استحاذ)، ولو لم يُسمع لجرى على القاعدة، وقد يكون الشاذ هو الأفصح، أو الأشهر، أو هو المتعيّن، فهو غير الشاذ في اصطلاح أهل الحديث؛ لأنه من أقسام الضعيف، وأمّا شاذُّ اللّغةِ فصحيحٌ كما تقدّم؛ لأنه يأوي إلى ركن شديد، هو السماع، والسماع هو الأصل.
وفي اصطلاحهم ما يُقال له: النادر، والضعيف، والفاشي. فالنادر: القليل مطلقًا سواء قِيس أم لم يُقس، والضعيف: ما ضعَّفه بعض علماء اللّغة، والفاشي: ما كان كثيرًا.. ولبعضهم نظم في ذلك.
يقول فيه:
تفسير مــا شذَّ ومـــا فشا ومَا
نَدَرَ مَعْ مــا بالضَّعيف وُسِمــا
فذو الشذوذِ ما عن القياس قد
حــاد قليــلاً وكثيرًا مـــا ورد
والنـــادر القليل قيس أو لَــمِ
يُقَسْ، ومــا فشا بعكســه نُمِي
آخرهــا الضعيفُ وهـو كلّ مَا
ثبوتـُــه فيــه نـــزاع العلمـــا
والأولى أن يزاد نوع آخر وهو القليل، ويفرَّق بينه وبين النادر، فيقال: النادر: ما قلّ وروده جدًّا، والقليل ما كان دونَ ذلك، فإذا كان اللّفظ لم يرد إلاَّ مرّة واحدة أو مرتين فهو نادر، وما ورد مرّات فهو القليل، وكلّ من القليل والنادر لا يُقاس عليه ويحفظ يا حافظ.