السلام عليكم
قصتنا اليوم حقيقية عن ابو حيدر حصلت في عام 1995 في ضل الحصار الجائر آنذاك
ابو حيدر ذلك الرجل البائس المتعب كقميصه المنتهية صلاحية لونه بشمس الحصار من سنوات بعد ان تقاعد من وظيفته المنهكة براتب لا يساوي عفطة عنزٍ عند بقّالٍ خاسر !
لدى ابو حيدر ستة اطفال وزوجة يعيلهم بقدرة قادر.. تكدرت عليه الحياة و مضت عائلته لا تأكل سوى الخبز الخشن و الطماطم الغيرناضجة ثلاث وجبات يوميا لمدة طويلة.. فقرر بدل الانتحار ان يتخذ قراره الأخير .. وهو بيع منزله وشراء سيارة يعمل بها ويسكّن عائلته مع اهله في منزلهم الطيني و الآيل للسقوط قبل سقوط كرامته .
باع منزله بسعر زهيد وجمع قواه للسفر الى بغداد لشراء سيارة مودعا عائلته لدى اهله بغرفة واحدة لا تقيهم بردا ولا حرا ..
صعد تلك الحافلة المتوجهة لبغداد واختار له كرسيا فجلس بجانبه رجلا وراحا يتبادلا الحديث بهموم الحياة ومشاكلها وكل منهم يشتكي للآخر سوء حاله حتى صارا كصديقين متفاهمين مع بعضهما
فوثق ابوحيدر بجليسه وراح يشرح امره له ببيع منزله وذاهبه لبغداد لشراء سيارة .. الطريق طويل فنام ابوحيدر مرهقا و استيقظ بعد نصف ساعة فوجد كرسي جليسه فارغا .. نظر الى حقيبته المالية واذا بها مفقودة من تحته ! فراح يبحث يمينا وشمالا فلم يجدها فصرخ متهسترا .. حقيبتي مالي مالي لقد ضاعت حقيبتي فأنتبهت الركاب له فتوقف سائق الحافلة قائلا له : قم بتفتيش الجميع وانا معك ..
فسألوه هل الشخص الذي كان يجلس بجانبك من معارفك ؟
قال لا لا اعرفه
قالوا له يالحظك فقد نزل في الطريق قبل اكثر من ربع ساعة ومعه حقيبة فقد سرقها و هرب ! اين تجده بعد
فقد عقله ابوحيدر وضل يندب حضه ويضرب على رأسه مولولاً باكيا متحسرا وابكى معه بعض الركاب لمصيبته حينما عرفوا انه مسكينا باع منزله لشراء سيارة لجلب لقمة عيشٍ لأطفاله.
قال له السائق سأعطيك كل اجرة الحافلة اليوم وطلب من الركاب بجمع مساعدة مالية له لوجه الله فرفض ابوحيدر ذلك وطلب من سائق الحافلة ان يتفضل عليه بأيصاله الى مرقد الأمام الكاظم (ع).
تم ايصاله مكسورا للامام الكاظم ودخل ابو حيدر لضريح الامام مغموما اشعث الرأس حافيا صارخا مغرورقا بالدموع وارتمى عند شباك الضريح قائلا ( يا مولاي ليس لي حياة بعد فقدت كل امل ولولا مخافة الله لقمت بالأنتحار ) وراح يشكو امره عند الضريح بنشيج طالبا منه استرداد ماله الذي سُرِق حتى اطال فغلبه النعاس فنام في الحضرة ..
فرأى في منامه رجلا يرتدي الزي الاخضر وجهه يشع نورا .. مخبرا اياه ان يعود لمنزله حالا ولا يبقى نائما في الحضرة )
استفاق من نومه متعجبا ولكن .. كيف لي ان اعود لمنزلي ؟ ماذا سأقول لعائلتي يامولاي ؟ بأي وجه ادخل على اهلي الذين ينتظرون مني انقاذهم من معيشتهم الضنكة ؟ كيف يرد لي مالي ؟ وراح يبكي ..
بقي كمشردا جليس الحضرة لا يفارقها وهو يصلي ويدعوا الله بالفرج
نام الليلة الثانية ايضا في داخل حضرة مرقد الامام الكاظم ع
وايضا جاءه في منامه ذات الرجل ,, وقال له الم اخبرك ليلة البارحة ان لا تنام هنا .. هيا قم واذهب لمنزلك فهم بحاجتك قم لا اريد بقائك هنا .
فاستفاق من نومه وهو يشعر كأنه غير مرحّب به لدى الأمام .. فذهب لرجل دين كبير وشرح له قصته ومناماته ..
فقال له ان الامام يريد لك الخير ويقول لك اذهب فهو لم يعطيك مالك هنا فأذهب كما أومرت وتوكل على الله فهو حسبك والله لا يضيع حق مظلوما .
واعطاه بعض المال ليعود به لأهله.
عاد ابو حيدر وهو في حيرة كبيرة من امره كيف يدخل على عائلته وماذا سيخبرهم .
حتى وصل لمنطقة اهله وراح متجها نحو شارعهم فرأى تجمع غفير امام منزله وخيمة عزاء نصبت.. فبدا عليه الخوف والرعب ويلاه ياربي ويلاه من مات من اهلي ؟ اهي امي ام احد اطفالي ام زوجتي .. رحماك ياربي مصيبة تتلو مصيبة مالذي يحدث و خطاه تتسارع نحوهم مرتجفا خائفا من الخبر القادم
فرآه اقرب الواقفين في العزاء وصرخ بصوت عال.. ابوحيدر ابوحييييييدر ابو حييييدر عاد... ابوحيدر حي .. ابو حيدر لم يمت انه حي .. وجاء المعزون والجميع يركض تجاهه يبكي ابوحيدر انت حي ؟ ابوحيدر مالذي جرى بك ؟ تكلم انحن بحلم ام يقضة ؟ وهو يبادل النظر بسرعة الى افواههم المتسائلة باندهاش ورعب. . مالذي يجري نعم انا حي انا ابوحيدر مابالكم ؟ فجائت زوجته واطفاله اتجاهه راكضين مذعورين ابي ابي وهم يتباكون فعانقوه .. فبكى لبكائهم دون ان يعرف مالذي يجري .. فقد وعيه وسقط ارضا فحملوه لداره ولما استفاق سألهم ماذا حصل اخبروني ولكن الكل حوله يبكي فقالوا له جائوا لنا بجثمان رجلا محترقا ومعهم حقيبة فيها مالك و مستمسكاتك الثبوتية وقالوا انقلبت سيارة في احدى الطرق واحترقت ومن بها وكان هذا الرجل بالسيارة ولم تحترق من حقيبته الا اطرافها و عن طريق المعلومات الموجودة في المستمسكات وصلنا لكم وهذه جثة رجلكم وضننا انه انت الذي توفي فكيف حصل الآن انك على قيد الحياة تكلم مالذي جرى لك ...
فصرخ ابو حيدر ( والنعم منك مولاي موسى بن جعفر لقد مات سارق مالي ولست انا ) هذا الذي دفنتموه سرق مالي في الحافلة وقام بأستئجار سيارة وهرب بها وذهبت للأمام موسى بن جعفر الكاظم طالبا منه استرداد مالي وهاهو لم يقصر فقد استرد مالي ومات السارق والحمد لله الذي لا يرد دعوة مظلوما ولا يوفق ظالما ... ففرح به عائلته وفرح بهم وبماله وعاد الحق لأهله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وحفظكم من السراق واولاد الحرام