هو أبو القاسم المعتمد على الله محمد بن عباد آخر ملوك بنى عباد فى الأندلس و أشهرهم، ولد فى أشيليه سنة 431 هــ / 1040 م، وتلقى دراسته فى بلاط والده المعتضد، وكان بلاطهم يع برجال العلم و الأدب، كما كان ينتقل فى مجالس الشراب و الغناء و اللهو.
بدأ حياته السياسية عاملاً لأبيه على مدينة " وليه "، ثم قاد جيش أبيه و حاصر مدينة " شلب " وولى عليها بعد سقوطها. وفى شلب برزت مواهبه الشعرية، وفيما توطدت صداقته مع الشاعر أبى بكر بن عمار الذى تولى وزارته فيما يعد بأشبيلية، وكان كلاهما من عشاق المسرات و المغامرات و الشعر.
فى مدينة شلب تزوج المعتمد من أعتماد الرميكية التى لازمته فى أيام سعده بأشيلية و ايام نحسه فى أغمات. ورزق منها أربعة أولاد هم الرشيد عبيد الله، و الراضى بالله يزيد، والمأمون، و المؤتمن، ومن بناته بثينة التى أشتهرت شاعرة كأبيها و أمها.
خلف المعتمد والده المعتضد على عرش مملكة اشبيلية سنة 461 هــ ( 1069 م ) وهو فتى فى الثلاثين. وكان كوالده فى " حسن القوام و روعة المظهر و عنفوان الصبا، ولم يكن مثله ف القساوة و الأستهتار بالدماء ".
وسع المعتمد ملك أبيه فجرد حملة على جيان و هو أهم قواعد مملكة غرناطة البربرية، كما تمكن من الأستيلاء على " مرسيه " و بعض أراضى مملكة طليطلة الجنوبية الغربية، كما حمل على مدينة قرطبة بتزيين من ابن زيدون الشاعر، وعين ولده الاكبر والياً عليها. لكن المأمون بن ذى النون أمير طليطلة غلب على قرطبة بمساعدة " ألفونس " ملك قشتالة، وقتل ابن المعتمد. غير ان المعتمد عاد و انتزع قرطبة مجدداً بعد أن حسن سياسته مع " الفونس " و ثأر لابنه و عين ولده الثانى المأمون والياً عليها. ولم يقف الأمر عند هذا الحد لأن الأسبان راحوا يضيقون الخناق على المعتمد، ففرضوا عليه ضريبة سنوية، ثم أحتل قرطبة بعد أن كان قد أخذ طليطلة، وراح يهدد أشبيلية. وحاول ابن عباد إسكاته عن طريق المال، فأوفد ألوفنس جماعة من أتباعه على رأسهم " شاليب " اليهودى الذى أخذ يتفحص المال للتأكد من صحته قبل تسلمه. فأعتبر المعتمد و أهل المجلس ذلك العمل إهانة و أمر بصلبه وقتل من معه. وكان هذا العمل سبب أندلاع الحرب بين ألفونس السادس القشتالى و المعتمد بن عباد.
لم يجد المعتمد بدأ من الأستعانة بالمرابطين و أميرهم يوسف بن تاشفين الذى كان قد دوخ المغرب. و عندما حذر المأمون، بن المعتمد أباه من قدوم المرابطين إجابة :
" رعى الجمال خير من رعى الخنازير ". وقد أستجاب المرابطون النداء و بدأت جيوش يوسف بن تاشفين عبور المضيق إلى الأندلس سنة 479 هــ ( 1086 م )، ووقعت معركة هائلة فى سهل الزلاقة على مقربة من بلاد البرتغال، وكان ذلك نهار الجمعة فى 12 رجب سنة 479 هــ (23 تشرين الأول ، أو أكتوبر، سنة 1086م)،
كتب فيها النصر لجيوش المعتمد و جيوش المرابطين.
لم تمض خمس سنوات على معركة الزلاقة حتى أستعاد ألقونس السادس القشتال قواه، وراح يهدد ملوك الطوائف، وعاد المعتمد إلى أبن تاشفين يطلب العون. ولكن ابن تاشفين لم يكن هذه المرة حليفاً صديقاً بقدر ما كان عدواً، فأغزى قائده سيرين بن أبى بكر للإستيلاء على الاندلس. و المعروف أن يوسف بن تاشفين قرر ضم الأندلس إلى ملكه و القضاء على الدويلات من أجل وضع حد للتنابذ الذى كان قائماً بين أمراءها، و انتقاماً من ملوك الطوائف الذين رجعوا إلى مصانعة ملك قشتالة و مصادقته. وبعدما هزم سيرين الأسبان راح يستولى على الإمارات، فسقطت غرناطة و قرطبة و سائر المدن الأندلسية بيده. ولما بلغ أشبيلية دافع المعتمد ما أستطاع، إلى أن أقتحم المرابطون مدينته بعد صراع عنيف قتل فيه مالك بن المعتمد. و بسقوط أشبيلية سقطت مملكة بنى عباد التى سطع نجمها فى سماء الأندلس مدة سبعين سنة.
أسر المعتمد بن عباد سنة 484 هـ ( 1091 م ) و أقتيد إلى " طنجة " ثم " أغمات " مع عياله، وضيق عليه أشد التضييق، و بقى سجيناً حتى وفاته فى 11 شوال
سنة 488 هــ ( تشرين الأول، أكتوبر، 1095م ) عن 57 سنة.