إن تساءلتم يوماً من أنا فسأخبركم أنني فتاة هاوِية للثقافات،للأساطير والفنون،ساخِطة للتقاليد،فتاة تصطاد الغيم من سريرِ الذّكريات،لتمخر عبر بحور من التشبيهات، التراكيب،والمعاجم،فتاة تؤمن تماماً انّ الكلمات لازالت قادرة على لِعب دور المعجزات وأنها -أي الكلمات-لا تزال نبضَ الحياة،تهوى الخيال والحقيقة،مُفعمة بتناقضاتِ الحياة،متمرّدة على وجه الواقع، فتاة تؤمن أن حاجة الإنسان الماسّة للحُب،تماثل حاجته للأكل والشراب،وأن قطرة واحِدة من الحُب قادرة على خلق حيوات وإذابة ليل.1
فتاة شغُوفة بالروايات،القصص والحَكايا،مولعة بخوض غمار حيواتٍ أخرى،خارج قبضان حياتها والدائرة التي تنحصِر عليها،تعيش في قصرٍ يتألف من الكتب،على الجانب المُحترِق من الخريطة،وكتبها هي إكسير الحَياة الخاصّ بها،إذ أنها في حين إنقضاء قراءاتها تضاعف عمرها ثلاثة أضعاف،وتضيف حيواتٍ آخرى إلى جانب حياتها التي تعد كصيرورة دائمة،تتقلب من حالة الوعي إلى حالة الحُلم،تستلبُّ من واقعها تفاصيل لوحة السّماء الرّمادية والنجوم.
فتاة خُلقت للأدب،تود قضاء أيامها بأكملها لتأمّل بلاغة اللّغة،ومكنونية الجمال المستوطن بتراكيبها.
مليئة بأفضل وأسوأ ما في الحياة،تضمّ عيناها الكون حين تكتب،تنعكس أشعة الشمس على صفحاتِها البيضاء التي ستصبح بعد حينٍ،متخمة بسوادِ الحبر،فتاة تؤمن،أن كل الكلمات التي ننقشها على صدرِ الذكرى،وكل عتمة سوف تصفو حين نكتب،وهذا ما يجعلها على قيدِ الحياة.