الحياة ليست معنى،ولهذا تحديداً لا يمكننا فهمها بل هي رغبة،وحوجة،إرهاصات مُتناقضة،فراغ قاتِم السّواد تتخلله غيوم ونُجوم باهتة،فصول من الفرح والجوى،قيظ شديد الحر،وزمهرير قارس
صنوان من اللّيالي المُتتابعة،رحلة مستمرة بهدف إيجاد معنى لإنقاذ غّلة أنفسنا
وإهدار الوقت في بِناء قُصور أحلامنا،والتي سرعان ما تتبدَّد وتتلاشى حين تُداهِمها أمواج الواقِع الأليم
بل هي أشبه بدوّامة متقوقعة تبتلع براءتنا ونقاوة رُؤيتنا للعالم،حتى نراه بنظرة مخذولة،بنظرة شخص طُعن من وراء ظهره مراتٍ لا تُحصى،واكتست عينيه شجاعة مُفزعة،وخيبة طافِحة.
ولعلي لم أُطالب هذه الحياة سوى الطّمأنينة،لم أطالبها بالسّعادة العامِرة،ولا النهار الذي يُستقبل بزغاريدِ الفرح،لم أسعى إلا للحصول على السّلام،أن أضع رأسِي على وسادتي دون أرقٍ من الماضي،أو وجل من القادم،وما بُليت به هو التفكير في كل شيء،التفكير في كل التّفاصيل التي أحاطت بي،الوحدة والخوف من الضّوء والظّلام،والخوف من قرارة نفسِي وقعر أعماقها.
وها أنا ذا،هادِئة ومُنعزلة،بينما تضج دواخلي بهسهسات ومآتم لا مناصَ منها.
م