لقد نضَبت بركة الثّقة في صُدور من هم حولنا،وجفَّ مداد إعتقاداتهم حتى أصبح الإستِنساخ الفكري ملازماً لأفراد مُجتمعاتنا،إستنساخ للأفكار الفجَّة المعطوبة،وكأنها سِلعة يتباهُون بها أمام الجميع3
لاحظتُ مؤخراً إنعدام يقينهم نحو ذواتِهم،باتت هويَّتهم أسيرة في قبضة أراءِ الآخرين
لذا غالباً ما نجد كفاءتهم محصُورة في ظروف إهتِمام الآخرين بهم
فحين يُعاملون بطريقة هامشيَّة أو يتلقون تجاهلاً وتسفيهاً من الآخرين،ينتابهم توجُّس عظيم ويسقطون في فخ مُحتدم من الشعور بعدم القيمة..
ولكن إن كنا قد تعلَّمنا مواطِن القوة وحكمنا بأنفسنا على قيمتنا الخاصَّة فلن يتمكن أيُّ شخصٍ حينها من التخرص علينا ونتجنب بذلِك أن يتمخَّض عن هذا إفتراض أننا أشخاصٌ مليئون بالآفات،أو أن نعتقدَ بذلك أننا كشجرة تفاح يانِعة ولكنَّها بلا ثمار.+
والحقيقة أن ثمارنا لا تكمُن بالوجاهة الخارجيَّة أو الشأن العالي ،بل ثمارنا تكمن في داخلنا،تكمُن في مواجدنا وسرائرنا الصَّادقة،تكمُن في وسامتنا العقليَّة،تكمُن في الجمال الذي تحمله سيماءُ وجوهنا
لا أقصد هنا قواعدَ الجمال المُتعارف عليها حديثاً
بل أعنِي الحقيقة والصَّفاء التي تتميز بِها ملامحنا
نحنُ نتميَّز بضحكاتنا،وجنوننا،يوميَّات نا،عبثنا،وحزننا
هذهِ تفاصيل مرسُومة في خطوطِ وجوهنا
نحنُ لا نريد الكمال؛فالرَّتابة تكمُن في الكمال،نحن قومٌ تستهوينا البساطة
عادةً ما نشعُر بالقلق إزاء موضِعنا حين نشعر مثلاً بأن شخصاً ما قد تحاشى نظراتنا،أو حين نشعر بأن قسماتهم تنضح تبرُّماً وضجراً حين نحدثهم عن إهتماماتنا،فيؤدي ذلك إلى إذعانِ الجميع والتخلّي عن أفكارهم لظنهم أنها سخِيفة،وتبني أراء َالآخرين دون فهمٍ أو إقتناع.
لا يجِب أن يجرحنا إمتعاض الآخرين لنا،والإهمال الموجه لنا لا يعنِي أننا أشخاص "مُملين" أو أننا نكِرات،بل يعني ذلكَ أننا مُحاطون فقط بالأشخاصِ الخطأ
لا تجعل نفسك عرضةً لأصغر ثُقوب الإهمال،إن كنت تودُّ أن تحسِم يقينك حول ذاتِك وهيَتك،فيجب عليك أن تفعل ذلك بنفسِك،لا باللُّجوء إلى آراءِ الأخرين
فالنَّاس عادة ما يبحثّون عن أصغرِ ثلمة يوقعُونك بها في كبوة ٍمن فُقدان الثقة بالنَّفس وعدم الأحقية والقُدرة على العيش بسجيتك وهويّتك.
لا تنتظِر الأنفة وقرظ الآخرين لك،لا تكن إمَّعة ولا تعتمِد على القطيع في البحث عن مسالكِ الطَّريق الصحيح فهناك عصابة من التخرُّصات تغطي أعينهم، أكمل السَّير في طريقِك حتى لو نعتهُ الآخرين بأنه مُظلم،فهم ضريرون يا رفيق،والخُطى خطاك.