أكدت دراسات وأبحاث علمية، أن هناك البعض من الأكاذيب التي يعتاد الزوجان على ممارستها، طيلة حياتهما الزوجية خاصة الرجل، الذي قد يزيد معدل كذبه عن ثلاث مرات يوميا من دون قصد، وست مرات أخرى عن قصد، بعكس الزوجة التي لا تمارس الكذب أكثر من مرة أو مرتين، لذلك طالب الباحثون من الأزواج بعدم محاولة التحقيق حول جوهر الكذبة، بقدر محاولاتهم لمعرفة الدوافع التي تسببت في ذلك. من أبرز الأكاذيب التي تتكرر على ألسنة الأزواج، هي إخفاء تفاصيل العلاقات القديمة التي يعتبرها الكثيرون مباحة، حتى يتمّ الحفاظ على ثقة الطرف الآخر، فضلا عن أكذوبة الجمال، التي يمارسها الزوج مع زوجته عندما تسأله عن مدى جمالها من وجهة نظره. وفي هذا الإطار تقول الباحثة رويدة الشيخ، استشارية الأمراض النفسية في مصر، عن أكثر الأكاذيب شيوعا بين المتزوجين “إنها تهدف إلى حماية مشاعر الطرف الآخر وتجنب وقوع إشكاليات يرى الطرفان أنهما في غنى عنها، ومن أبرزها الادعاء المتكرر بالانشغال في العمل، وهذا النوع من الأكاذيب يمارسه الرجل أكثر من المرأة، حيث يهدف منه إلى سرقة بعض الوقت لفعل أشياء يراها لا تتعلق بأحد غيره، مثل الجلوس قليلا مع أصدقائه خارج المنزل أو التعرف على آخرين، حتى يتسنى له الذهاب بعيدا عن روتين الحياة الزوجية”. وأضافت قائلة “من الأكاذيب التي يمارسها الزوج عن قصد، ما يتعلق بوزن زوجته التي يراها دائما تهتم بوزنها، ولديها رغبة دائمة في إنقاص وزنها، لذلك يلجأ الزوج باستمرار إلى استحسان وزن زوجته، حتى وإن كان زائدا بالفعل ولا سيما إذا سبب لها ذلك ارتباكا نفسيا”. وتوضح أن الزوج بهذه الكذبة يريد الحفاظ على حالة السلام والهدوء الذي يسود الحياة بينهما، حيث أن المرأة عموما تعتبر الوزن الزائد عدوا يحق لها محاربته بكل ما لديها من قوة، وتنتابها البعض من المشاعر السلبية إن لم تنجح في ذلك، حيث ترى أنه يتسبب في فقدان زوجها شعوريا قبل أن يكون ماديا وواقعيا، لذلك تحاول دائما المحافظة على وزنها المثالي حتى تظل دائما المرأة المسيطرة في حياته. ومن جانبه، يؤكد استشاري الطب النفسي وليد الجمال “إن هناك كذبة كثيرا ما يرددها الزوج لزوجته إبان كل مكالمة هاتفية ولا سيما أثناء العمل، وهي «سأتصل بك بعد قليل» هذه الجملة الشهيرة يضعها بعض الأزواج دائما على مسامع زوجاتهم لإنهاء الحديث معهن بأسلوب غير جارح لمشاعرهن، في حين يلجأ إليها البعض الآخر للتخلص من مطاردة زوجاتهم لهم، وكثرة طلباتهن المنزلية الملقاة دائما على عاتق الأزواج”. ويضيف أن ادعاءات الرجال بكثرة النسيان أو السهو، من أكثر الأكاذيب شيوعا في حياتهم الزوجية، خاصة إذا كانت الزوجة تتسم بكثرة التعليق على تصرفات زوجها معها، فلا يرى مخرجا من هذه المواقف سوى ادعائه بأنه كثير النسيان أو الانشغال، كما أن حديث الزوج عن طعام زوجته يتطلب منه الكذب بدعوى المجاملة وعدم جرح مشاعر زوجته، التي يراها بذلت جهدا كبيرا لإعداد الطعام الذي لم يكن بالمستوى المطلوب، وذلك لإدخال مشاعر السعادة إلى قلبها وتشجيعها على تحسين مستوى الأطعمة التي تقوم بتحضيرها. ويذكر أن العلاقات السابقة من أقوى نقاط الضعف التي تدفع طرفي العلاقة الزوجية إلى الكذب، وهنا تؤكد الدراسات أن هذا النوع من الكذب لا يضر بالحياة الزوجية بقدر إصلاحها والتعديل منها، حيث أن هذه العلاقات تعد من الأمور الخاصة التي لا تمت للحياة الزوجية بصلة، لذلك لا يفضل الحديث عنها باستفاضة وذكر كل ما يتعلق بها أمام الطرف الآخر، لأنها تترك أثرا سلبيا عليه وتعيق استمرار العلاقة الزوجية بصورة طبيعية. وتشير استشارية الأمراض النفسية لمياء عبدالعزيز، إلى وجود كذبة تعد من أكثر الأكاذيب انتشارا في الحياة الزوجية، ولكن لا يتم ممارستها مع الشريك بل مع بعض الأصحاب والمعارف، وهي أن يعتذر الزوج لهم عن الخروج بصحبتهم بدعوى الانشغال في العمل أو مرض أحد الأبناء، لتجنب التواجد معهم في مكان مشترك، بالإضافة إلى الكذبة التي تظل دائما مستمرة باستمرار الحياة الزوجية بين الشريكين، وهي كلمات الحب والجمال التي يرددها كل طرف نحو الآخر، حيث تبدو كل زوجة جميلة في نظر زوجها، ويبدو كل زوج هكذا في نظر زوجته، ولكن لا يكون كل منهما الأجمل في العالم، ولأنها مشبعة لرغبات الاستحسان لدى الزوجين يلجأ إليها طرفا العلاقة في استخدامها دائما. وعن طريقة ارتداء المرأة لملابسها، تقول “إن الرجل يلجأ إلى التعليق عليها دائما بصورة إيجابية، بغض النظر عن وجهة نظره الحقيقية في ذلك، لكنه يهدف من هذا الاستحسان إلى حث المرأة على الانتهاء سريعا خاصة إذا كانا يرتبطان بموعد محدد للخروج، لأن المرأة تعرف بقضاء أوقات طويلة أمام المرآة للتأكد من أن كل شيء يتعلق بمظهرها على ما يرام”. وتوضح أنه لا يوجد رجل يثق برأي زوجته بصورة مطلقة، وهذا ما أشارت إليه الدراسات العلمية، ورغم ذلك يردد دائما “فأنا أثق برأيك” ويحثها على فعل ما تشاء واختيار ما تريد، الأمر الذي يشعرها بأنها تتمتع بمساحة أكثر اتساعا من الحرية تمكنها من فعل ما تشاء، دون إدراك منها أن ذلك مجرد كذبة الهدف منها هروب الزوج من تحمل المسؤولية. في حين يحذر الباحث فاروق الششتاوي، استشاري الأمراض النفسية، من تكذيب الزوج المتكرر على أمور تبدو بسيطة، في حالة ارتكابه لخطأ ما أثار شك الزوجة به، حيث أنه بذلك يستطيع إقصاء شك الزوجة أو الهروب منه، فضلا عن رغبته في أن يجعلها تشعر بالندم نتيجة تكذيبها له، ومن ثم يصبح هو سيد الموقف، ويكون بذلك الطرف الأقوى وله الحق في رد الاعتبار. وينصح بضرورة البحث عن الأسباب التي تدفع الزوج إلى كل هذه الأكاذيب، وتلقى المسؤولية هنا على الزوجة التي تستطيع التحدث بروية إلى زوجها، واستيعاب حالته المزاجية وفهم الأسباب الحقيقية وراء ذلك، خاصة إذا كانت الكذبة تشمل طرفا ثالثا مثل الحماة، فعندما يتحدث الزوج مع والدته حول أمر ما، وترغب الزوجة في معرفته يطلق لها كذبته ويقول “لا شيء”، الأمر الذي يدل على خبث الرجل، حيث يرغب في إخفاء شيء ما عن زوجته، وعادة ما يكون شيئا هاما ويتعلق بالأسرة.