أريد التجوُّل في طريق ترابي رِيفي،مُحاط بحقولٍ من القمح وأشجار الأقحُوان والرَّيحان والتفاح،حيث لا يكدر جَلال وسُكون اللَّيل أي هسيس،كل ما يخطُو رصيف سمعِي هو حفيفُ الأشجار وصوت خطواتي.
أن أمشي في طريقٍ ليس له نِهاية،محفوف بالزنابق والفُل والياسمين،أسرِق أشعة الشمس وأفرشها تحت ظِلال الأشجار+
أو أن أذهب في رِحلة على متن قطارٍ ليلي،حيث يتناثر حولي بعض الركَّاب المُتعبين مثلي،لايتوقف هذا القطار في أي محطة فقط يستمر في عُبور الشَّوارع المُضاءة،أراقِب النافذة،وأغمض عيني،وأفكر في اللاشيء.
أن أذهب إلى بلدة،حيث لايزال يعيش السّحر،يجري في عرق الحرفيُّون فيها دم السحرة،ويصنعون في ورشهم العديد من الأشياء:عصا سحريَّة،آلة للعودة بالزمن،وأجنحة جنيَّات
تخالجني رغبة متأججة بالعيش في منزل في طرفِ الغابة،حيث لا ألقى من البشر أحداً،أقرأ الكُتب وأمارس كِتابة نصوصي المُبعثرة،أسافر بين قصور الحُروف،وأضيع بين ممرات معانيها
أنسج رداءً من الفرح وأجلس في كرسي الإنتظار حتى يأتي أحادي القَرن ذو اللَّون الأبيض المُرونق المتنصل من أحد الأساطِير الأغريقية ويأخذني في نُزهة في رحِيب الأفق أو صفحة السماء النَّاصعة
تارة أرسم فيها غيوماً،وتارة أرسم الشمس وحيدة في سماءٍ شاسعة مسحُولة تراقب سعادة أهل الأرض والدمعة تتحدر من عينِها حتى تغرق أهدابها،كطفل وحيد يجلسُ في ساحة المدرسة ويراقب زملاءه يتجوَّلون بسعادة مع رفقائِهم ويضيئون شمُوع الدفء عاكفين على نوافذ الفرح،بينما يجلس على رِواق الوحدة،يجوس الناس مترقباً ويناشِدهم بلقمة من حديث تشفي خُواء الأيام السالفة،ولكن لا يعاشره سوى الصَّمت.
أو أن أتسلق جبلاً عالياً مطلاً على كل وكر مخفي في المدينة،أراقب توديع الشمس للأُفق البهي في خجل،وتسلُّل خُيوط الظلام وإنسِدال ستائر السواد،أغني أعذب الأُغنيات،وأبكي جرحي وصوتِي النائح
عزيزتي الحياة أقدم لكِ طلب تحقيق أي من هذه الأُمنيات،ولك حريَّة الإختيار،ولكنكِ مُجبرة على الموافقة،فلقد سئمت حقاً من هذه اللَّيالي البائِسة،المسكونة بالوجع،المُتخمة باليأس.


م