أنتَ صاحبُ فكرةٍ ما، أبديها إذاً ولا تفرِضْها ، الفِكرة تتألَّفُ غالِباً من التصوّرات الخيالِيَّة الَّتي تبتدعها في أعماقِ العقل
فالسؤال هاهُنا كيفَ تتكّون الفكرة وتُستجمع كشتات إلى شيء تدركهُ الحواس ؟
الفكرة كما أعبّرُ عنها دائماً هي مُجَرَّد بذرة تنمو بمرورِ الوقت حتّى تصبحُ كالزهرة بنضرِتها حسنةُ المنظرِ زاهيةُ اللُّون ، فالفكرة الّتي تمتلكها عن شيءٍ ما منذُ عامين قَد تغيّرت ربّما اليوم إلى فكرة أخرى لذا كما أسلفتُ فالأفكار تنمو بدورها تماماً كالبذرة ولكي تنمو بذرةٍ ما تحتاج هذهِ البذرة إلى الماء لكي يقوّمها ويجعل منها منظراً آخر .!
فكرتُك أيضاً بحاجة لشيء يقوم بتنميّتِها وسقيِها حتّى تكون واضحة لا تثير الشُكوك نقيّة ليسَ علَيها غُبار ،
والشيء هذا هوَ الصراعات الّتي تمرُّ بها أثناء غزو الفكرة لدماغك فهذا الغزو طبيعي أمّا الغير طبيعي هو عدَم مقاومتُه بالتعليقات والإستنتاجات ومن ثمّ تعديل الإستنتاجات والبحث عن حل حتّى تصِل إلى حلّ ٍ ما وهو تحويل هذا الغزو إلى إمّا شيء أو لا شيء عندَ تعمُّقك الطويل في الفِكرة
الشعوب الّتي لا تفكّر هي نفسها الشعوب البدائية عندما بدأ الإنسان بالتفكير نشأت الحضارات والممالك وتطوَّر الإنسان إلى إنسان أفضل وكُل هذا قامَ على الفكرة الفكرة والعمَل ،
أذكرُ في إحدى اللَّيالي حيثُ كنَّا نحضُر إحدى المجالس العلميّة وفي أثناء جلستِنا هذهِ الّتي تتكوّنُ من ستة أشخاص بادَرَنا الأستاذ بسؤال غير مألوف فأشارَ بإصبعهِ نحوي وقال ماذا تقول فأجبتُ بجواب فقال خطأ فأشارَ إلى الثاني وأجاب بجواب يختلف عن إجابتي فقال أيضاً خطأ حتّى الخامس فكلُّنا كنَّا مخطِئين إلى أن قال للسادس ماذا عنك ؟ فقالَ لهُ دعني أفكّر فقال لهُ الأستاذ لكَ ذلك ، وبعد أقل من دقيقتين إستنتج هذا الشخص جواباً ثمّ أبداهُ للأُستاذ فقال الأستاذ أحسنت هذا هو الجواب!
عندما رجعتُ من الجلسة ساءلتُ نفسي ما الّذي جعل هذا الشاب يستطيع الإجابة على السؤال ففكّرتُ مليّاً حتّى توصّلتُ أن لاشكّ ولا بُدّ من أنّ صحّة الجواب أتت من تفكيره حيثُ لم يتسرّع في الإجابة بل إكتفى بقول دعني أفكّر فساعدهُ تفكيرهُ على الإجابة الصحيحة ،
إذاً .. الفكرة تحتاج إلى تفكير وتَدبير كما أنّ السفينة بحاجة إلى شراع لمقاومةِ الأمواج فالسفينة بلا شراع سفينة ليست ذو فائدة إذ إنّها لا تقاوِم وإنّما تنجرِف معَ الأمواج والرياح
ففكرتُك هذهِ السفينة الّتي تحتاجُ إلى شراع ليسعفِها في مقاومة الأمواج والرياح ..!
الخاتمة :
كما ذكرتُ طالَما هناك بذرة صالحة فهناك أيضاً بذرة خبيثة لا تسمح لعقلك أن يتقَبّل هذهِ البذور الخبيثة سواء كانت منك او من غيرك فنبتة خبيثة واحدة تكفي لتجعل منظرُ باقي النبتات بشعاً قبيحاً لا تتقبّلهُ الأذواق ..)